ورضي عنهم وأرضاهم ، (١) أولئك الذين لا يشقى جليسهم ، ولا ترد دعوتهم ، يدورون مع الحق حيثما (٢) دار ، والأرض بهم رحيمة ، والجبار عنهم (٣) راض ، جعلهم الله بركة أرضه ، ورحمة على عباده ، فطوبى لهم وحسن مآب.
[الصادق المجتهد]
قال الوافد : صف لي الصادق المجتهد؟
قال العالم : هو الذي لا يعجز عن الاجتهاد فيما يقربه إلى الله ، في تحريكه وسكونه ، وكلامه وقعوده وقيامه ، ثم يجعل اجتهاده من جميع جوارحه ، (٤) ثم يجعل تحريك لسانه ، واستماع أذنه ، وبطش يده ، ومشي رجله ، وأخذه وعطاه ، ونومه ويقظته ، وجميع ما يكون منه في ليله ونهاره ، يصدق بعضه بعضا ، (ثم يجعل طعامه وشرابه ، ولباسه ، وجوعه وعطشه ، وقيامه وقعوده ، وشبعه وريّه ، يوافق بعضه بعضا) (٥) ويجعل جميع ذلك صدقا منه ، وقصدا إلى ما يوافق إرادته ، وليكن ذلك من خالص قلبه ، فإن فعل ذلك كان صادقا في إرادته وعبادته ، فإن (٦) الصادق المحب المستمر في الطاعات ، (٧) ينبذ الدنيا وراء ظهره ، فيظمأ (٨) نهاره ، ويسهر ليله ، ويترك شهوته ، (٩) ويخالف هواه ، ويقصر أمله ، ويقرب أجله ، ويخلص عمله من الآفات والتخاليط ، ويرتعد بدنه من خوف الله ، وقد ترك (١٠) الدنيا عنه ، لما عرف مكرها وخاف مضرتها ،
__________________
(١) في (ب) : وأرضاهم واصطفاهم.
(٢) في (أ) : أينما.
(٣) في (ب) : عليهم.
(٤) في (ب) : الجوارح وصدق تكلفه.
(٥) سقط من (أ) : ما بين القوسين.
(٦) في (ب) : من عبادته. وفي (أ) : وإن.
(٧) في (ب) : الطاعة.
(٨) في (ب) : ويظمأ.
(٩) في (ب) : شهواته.
(١٠) في (ب) : عزف. وأشار إلى نسخة أخرى (رفض).