يؤده كما أمر أن يؤديه ويكمله فلم يؤد إلى الله فيه فرضه ، وكيف يؤديه وقد انتقص بعضه؟
[القيح والصديد والدود]
ومن سأل عما يجب في القيح والصديد ، وما يخرج من الدبر من الدود؟
قيل : أما القيح والصديد فأقل ما فيهما ما في الدم ، وعليهما ما عليه في الحكم ، يغسلان كغسله ، وسبيلهما في النجاسة كسبيله ، لنتنهما وريحهما ، وقذرهما ومنظرهما.
وقد قال الله سبحانه : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) [البقرة : ٢٢٢]. ويقول سبحانه : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) [المائدة : ٦]. فمن ترك القيح والأذى له في بدن أو ثوب فقد تقذّر ، ومن لم ينق منها فلم يتطهر ، وقد أمر الله بالتطهر جميع المؤمنين ، وأخبرهم سبحانه أنه يحب التوابين ويحب المتطهرين ، فأوجبنا التطهر منهما وفيهما ، بما ذكرنا من هذين الوجهين جميعا عليهما.
وأوجبنا الطهارة من الدود فيما أوجبنا من التطهر ، لأنه فيما أوجبنا فيه الطهارة مما يخرج من قبل أو دبر ، من رطوبة أو بلل أو دابة من دود أو غير دود ، أو صفاة (١) أو كسرة صغيرة أو لطيفة كالقذاة من العود ، لأنه لا يخرج من ذلك خارج وإن صغر ويبس ، إلا وقد خرج معه عليه نتن وإن لم ير ويحس ، وفي كل ما خرج من القبل والدبر ، ما قد أوجبناه في الوضوء والتطهر ، (٢) ولذلك ما أوجبنا في الريح وهي ألطف خارج ، يخرج من تلك الموالج ما أوجبنا من الوضوء والتطهرة ، وأوجبنا ذلك فيها لأنها من الأشياء القذرة ، وهي في النتن أشبه شيء بالعذرة فلهذا كله لزمها ما لزمها ، وكان الحكم في هذه الأشياء كلها حكمها ، (٣) وعن الكتاب ما قلنا به فيها ، وبحكم الله في الكتاب حكمنا في ذلك كله عليها.
__________________
(١) في المخطوط : سفاه. ولعلها مصحفة ويحتمل أنها : صفاة.
(٢) في المخطوط : والطهارة. ولعل الصواب ما أثبت.
(٣) في المخطوط : حكما. ولعلها مصحفة.