بنيه وظهره غير
ظهورهم ، وذريته غير ذراريهم ، والذراري تكون صغارا وكبارا ، وأطفالا ورجالا ، وكل
أهل الجاهلية من رجال العرب الذين كانوا يشركون ، قد أخذوا ومعنى أخذوا : أخرجوا
ذرية من ظهور آبائهم من بني آدم لا يشكون ، وكلهم كان شهد وأقر بأن الله ربه ، وأن ما يرى من السماوات والأرض خلقه ،
فاستشهدهم الله على ربو بيته بما يشهدون ، وبما كانوا يقرون به كلهم فلا ينكرون ،
وفي ذلك يقول سبحانه : (وَلَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٦١) [العنكبوت :
٦١] ، ولم يقل سبحانه إنه استشهد على ربوبيته أحدا من الأطفال ، ولا يكون
الاستشهاد والشهادة إلا للرجال.
والله أعلم ما
يكون وغيره وما كان ، ونسأل الله أن يفهّمنا ويفهّمك عنه البيان.
١٠٨
ـ وسألته عن : (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ
الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ
لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) [الأنفال : ٤٤]؟
فتأويل (لِيَقْضِيَ) ليتم أمره فيكم وفيهم ، ونصره لكم عليهم. والتقليل من الله في أعينهم للمؤمنين ،
فإنه تبيينه من الله للمستبينين ، والتقليل فقد يكون أنواعا ، إن كان لأنواعه كله
جماعا ، ليس ينكرها ممن أنكر منكر ، لأن الله على كلها ـ لا شريك له ـ مقتدر.
١٠٩ ـ وسألته : عن : (إِنَّ شَرَّ
الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا
__________________