٩٩ ـ وسألته : عن المحاربة لله ولرسوله والسعي بالفساد في الأرض؟
ومعنى ما ذكر الله في الآية (١) من المحاربة والفساد ، وما أمر به فيه من التقتيل والصلب والقطع أو النفي من البلاد ، فهو الإجلاب والجيئة (٢) والذهاب ، والاستدعاء على الحق والمحقين ، والمخالفة على الارباب (٣) المتقين ، والتحيل والحشد (٤) للمبطلين إليهم ، والقول بالزور والبهتان عليهم ، في سفك دمائهم ، والتماس ضرائهم ، ومجاهدة أولياء الله فيهم بالمحاربة ، وإجماعهم عليهم بالأذى والمناصبة ، فمن بلغ هذا من المبطلين وصار إليه ، كان حكم الله جل ثناؤه عليه ، وجزاؤه على ما هو من ذلك فيه ، أن يقتل أو يصلب أو يقطع أو ينفى من الأرض والبلاد ، التي سعى فيها على الله ورسوله والمحقين بما ذكره الله من الفساد.
وليس ما في أيدي هذه العامة من تفسير هذه الآية المحكمة عن ابن شهاب الزهري(٥) وأضرابه ، ولا من كان من لفيفه وأصحابه ، الذين كانوا لا يعدلون بطاعة بني أمية ، وما أشركوهم فيه من دنياهم الدنية ، فلم ينالوا مع ما سلم لهم منها ، ما حاطوا به ودفعوا به عنها ، من تلبيس لتنزيل ، أو تحريف لتأويل ، وابن شهاب لما كان كثرة وفادته إليهم معروف (٦) ، وبما كان له من كثرة الضياع وكثرة الغلة بهم
__________________
(١) الآية التي أشار إليها الإمام هي قوله تعالى (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) [المائدة / ٣٣].
(٢) في المخطوط : والجثة. مصحفة ، والصواب ما أثبت.
(٣) كذا في المخطوط.
(٤) في المخطوط : الكلمتان التنحيل والحشد مهملتان ، ولعلهما كما أثبت ، والله أعلم.
(٥) محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري ، ولد سنة (٨٥ ه) نزل الشام واستقر بها ، كان من خدم وشرطة الدولة الأموية رغم علمه ومعرفته ، وكان من النواصب نصر الأمويين بالأحاديث الموضوعة ضد علي عليهالسلام وأهل بيته ، للسيد العلامة بدر الدين الحوثي كتاب (اتهام الزهري) جمع فيه الروايات المتهم فيها الزهري ضد آل أبي طالب ، أعمل في تحقيقه. توفي سنة (١٢٤ ه).
(٦) خبر المبتدأ (وابن شهاب) لا خبر كان ، وكذلك (موصوف) بعدها.