مما يلتبس بكفره
منعمه ، ولا يعايا بشيء من المعرفة بين فجورها وتقواها ، إذا عرّفها هيبتها
واجتراها ، لأن الهيبة اتقاء ، والفجور اجتراء.
فهي تعرف من
الأشياء كلها ما تجتري عليه من الفجور ، وما تهاب وتخشى من جميع الأمور ، فهي على
ما لا تهاب مجترئة ، ولما هابت متقية ، فهي ملهمة لتقواها وفجورها ، لمعرفة ما
تهابه وتجتري عليه من أمورها.
٦٢ ـ وسألته : أيضا عن قول الله سبحانه : (وَالسَّماواتُ
مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) [الزمر : ٦٧]؟
إنما يريد سبحانه
قدرته عليهن ، ونفاذ أمره وقضائه وحكمه جل ثناؤه فيهن ، لأن كل ما كان من الأشياء
مطويات في يمينك ، فأنت عليه أقدر منك على غيره من جميع شأنك ، ومن كان في يديه
شيء مطوي كان على حفظه كله قويا ، ولا يتوهم أنهن مطويات في يمينه كطي الثياب ،
إلا عمي جهول لعّاب ، وما في ذلك ، لو كان كذلك ، من الإكبار؟! ومن القوة
والاقتدار؟!
وأما قبضته
وإحاطته وقدرته ، فذلك أنه يقال لمن كان محيطا بشيء وقادرا عليه ، إذا سئل عنه من
يعرفه ، هل له قدرة فيه؟ قال : نعم والله ما هو إلا قبضته وفي يده. وليس يريد بذلك
إذا قاله قبضة الكف ، والله لا شريك له متعالي عن أن يوصف من أوصاف الإنسان بوصف.
٦٣ ـ وسألته : عن قول الله : (وَأَنِيبُوا إِلى
رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) [الزمر : ٤٨]؟
فالإنابة إليه ،
هي : الرجوع بطاعته عليه ، وإسلامهم له ، هو : سلوكهم سبيله ، فلم ينب إليه سبحانه
من تولى عنه ، ولم يسلم له جل ثناؤه من تبرأ منه ، فالإنابة إليه هي : الاعتصام ،
والإسلام له هو : الاستسلام ، ولم يعتصم به قط من آثر غيره ، ولم يسلم له من خالف
أمره.
٦٤ ـ وسألته : عن قول الله سبحانه : (قُتِلَ الْإِنْسانُ
ما أَكْفَرَهُ) (١٧) [عبس : ١٧]؟
__________________