ومن دلائل ما قلنا به في وقت صلاة الليل ، ما دلنا الله سبحانه في سورة المزمل على ذلك من الدليل ، قال تبارك وتعالى لرسوله ، صلى الله عليه و [على] أهله : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (٥) إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً (٦) إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً (٧) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) (٨) [المزمل : ١ ـ ٨].
فدل (١) سبحانه فيما نزل من هذه الآيات ، على ما قلنا به من الأوقات ، فيما فرض في الليل من الصلوات.
ودل على ما يجب في الصلاة ، من الذكر والتسبيح والقراءة ، فلا يكون أبدا المزمل إلا مضطجعا أو نائما ، ولا يصلح أن يكون أبدا قاعدا ولا قائما.
والتزمل هو الاستغشاء والتدثر ، (٢) والاضطجاع والنوم ، وقد يكون في أحدهما المتدثر الذي يتزمل ويتدثر ، ولا يكون أبدا إلا أول الليل وآخره ، فجعل ذلك سبحانه كله وقتا لقيامه ولتأخره ، فيه بصلاته واستيفائه إلا الأقل (٣) وهو ما اشتبه منه ، فلم يتبينه من يريد أن يتبينه ، فندري أفي الفجر هو أو في الليل ، فليس لأحد أن يؤخر صلاة ليله إلى مثل ذلك الوقت من التأخير ، لأنه ليس له أن يصلي إلا في وقت بيقين ، وهو ما وضع الله في الوقت من التبيين ، وليس يوجد أبدا وإن جهد وقت صلاة الليل ويبين ، حتى يدركه العلم البتّ واليقين ، إلا سواد الليل وظلمته ، ولذلك ما جعله الله وقتا لهما برحمته. وقال سبحانه لرسوله ، صلىاللهعليهوآله ، : قمه كله ، إلا أقله. فنهاه عن القيام في قليله ، وهو ما قلنا فيه بتفصيله ، عندنا مما الله به أعلم ، وما فهمنا فيه (٤) الفهم ،
__________________
(١) في (ب) : مذكر. مصحفة.
(٢) في (ب) : الذي هو. مصحفة. وفي (ب) : والتدثرة.
(٣) في (أ) واستيفائه الأقل. وفي (ب) : إلا أقل. ولعل الصواب ما لفقت من النسختين. والسياق يدل عليه لأن الله أمره باستيفاء الليل كله إلا الأقل منه. وكلام الإمام بعده يؤكد هذا.
(٤) في المخطوطات : عندنا ما الله أعلم. ولعل ما أثبت هو الصواب والله أعلم. وفي (ب) : فهمنا علمه الفهم.