مقصرة ، وفرقة منهن واعظة ناهية مذكرة ، (١) تنهى من عتا ، عن الفسق والعتا ، وتذكر بما يجب لله (٢) من الطاعة والرضى ، فلم يذكر الله تبارك (٣) وتعالى في خبره عنهم ، أنه جل جلاله ، عن أن يحويه قول أو يناله ، إنجاء منهم ، إلا من أمر ونهى ، وكان واعظا منبها ، وداعيا لهم إلى الله مسمعا ، ومقبّحا لعتاهم مشنّعا ، لم يذكر سبحانه عمن خلّصه وأنجاه ، أنه أقام مع من وعظه ونهاه ، في محل الفسق والعتا ، ولا أسبت (٤) معهم في قريتهم سبتا (٥) ، ولا استحل فيها لهم جوارا ، ولا قر (٦) معهم فيها بعد العتا قرارا.
وكيف يقيمون معهم في القرية ، مع ما أظهروا لله فيها من المعصية ، يرونها فيها عيانا ، ويوقنون بها إيقانا ، لله كان أجل في صدورهم جلالا ، وأكبر في نفوسهم أمرا وشأنا ، من أن يجاوروا مشاقّيه ومعاصيه ، أو يقيموا جيرانا لمن يشاقّه ويعصيه ، وهم لو ـ جاورهم (٧) جار في أنفسهم بما يسخطون ، أو بكثير من الأذى والمكروه هم له ساخطون ، لا يقدرون له على دفاع ، ولا منه إلى امتناع (٨) ـ لما أقاموا ساعة واحدة معه ، ولا سيما إذا كان لا يقدر أحد منهم على أن يدفعه ، فكيف بمساخط الله التي هي في صدورهم (٩) أعظم ، ولقلوبهم أحرق وآلم ، ما يحل توهم ذلك عليهم ، ولا نسبة (١٠) شيء منها إليهم ، والحمد لله رب العالمين ، ونعوذ بالله من مجاورة الظالمين.
وفيما ذكرنا من هلكة القرى ، ما يقول (١١) الله تبارك وتعالى : (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ
__________________
(١) سقط من (ب) : مذكرة.
(٢) سقط من (ب) لله.
(٣) في (أ) و (ج) : سبحانه في.
(٤) في (أ) : ولا سبت. وسقط سهو من (ج) : من ولا أسبت إلى .. قرارا.
(٥) السبت : الراحة والقطع ، والمسبت : الذي لا يتحرك.
(٦) سقط من (ب) و (د) : قرّ.
(٧) في (ب) و (د) : ويعاصيه. وفي (ب) : جاورهم بما رأوا (مصحفة).
(٨) في (ب) و (د) : على.
(٩) في (أ) : صدرهم.
(١٠) في (ب) : شبه (مصحفة).
(١١) سقط من (أ) و (ج) : الله.