وفي التلبيس عليهم بتلبيسهم ، وما وكلهم الله إليه في ذلك من أنفسهم ، ما يقول الرحمن الرحيم : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) (٩) [الأنعام : ٨ ـ ٩].
وفي كتاب الله وترافده ، وتشابهه (١) في البيان وتشاهده ، ما يقول سبحانه فيه ، وفيما جعله من ذلك عليه : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) (٢٣) [الزمر : ٢٣].
فهل بعد هذه الآية وبيانها لملحد ـ أنصف نفسه ـ في كتاب الله من حيرة في شك أو إلحاد؟! لو لم يسمع فيه غيرها ، إذا (٢) هو فهم تفسيرها ، فكيف بما ثنّى (٣) الله في الحجة لذلك من المثاني ، وكرّر على ذلك من شواهد البرهان ، التي فيها من الحجة والتبيين والإتقان ، (٤) ما هو أحق من كل رؤية وعيان ، فليسمع سامع لتقرير الله سبحانه لعباده ، على الشهادة له (٥) بتنزيله لكتابه ، إذ يقول سبحانه فيهم لمن أنكر أنه تنزيل من رب العالمين: (قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٣) [هود : ١٣]. فأمرهم (٦) تبارك وتعالى في ذلك بالحشد لأوليائهم ، ولكل من قدروا عليه في ذلك من أعدائهم ، ممن أنكر من القرآن ما أنكروا ، وكفر بالله كما كفروا ، فلم (٧) يستجب له في ذلك مجيب ، أحمق
__________________
(١) في (د) : تشاهده ، تشابهه في البينات.
(٢) في (ج) : إذ.
(٣) في (ب) و (ه) : نبأ.
(٤) في (د) : والإيقان.
(٥) سقط من (ب) و (ه) : له.
(٦) في (ب) : فأمرهم في ذلك. زيادة.
(٧) في (ب) و (ج) و (د) : فلم يستجب في ذلك له مجيب.