بن سيرين «فإن عادوا فقل ذلك لهم» ، وفي مرسلة الكشاف «ما لك إن عادوا لك فعد لهم بما قلت».
وفيما أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس لم يذكر من ذلك شيء بل مقتضى الرواية المذكورة انه لا محل لشيء من هذا القول ، فانها تذكر ان عمارا أخبر رسول الله «ص» بما جرى له حينما لحقه في هجرته الى المدينة دار المنعة والأمن من عود المشركين الى تعذيب عمار وإكراهه ..
وأما النقل لما قاله عمار للمشركين فهو مضطرب أيضا ، ففي رواية ابن عباس ان عمارا قال للمشركين كلمة أعجبتهم تقية.
وفيما روي من طريق أبي عبيدة سب النبي «ص» وذكر آلهة قريش بخير ، وفيما عن السدي ان عمارا وخبابا أخذهما قريش وعذبوهما حتى كفرا ، وفيما عن قتادة ان بني المغيرة غطوا عمارا في بئر وقالوا : أكفر بمحمد «ص» فاتبعهم على ذلك وقلبه كاره ، وفي مرسلة الكشاف ان عمارا أعطى قريشا ما أرادوا بلسانه ، وغاية ما يتفق عليه هذا النقل المضطرب هو ان عمارا نال من رسول الله «ص» بلسانه وهو مكره ملجأ ، وعلى فرض صحة ذلك ، لنا أن نقول ان فلسفة الايمان ونشر كلمة الحق وإعلاء كلمة الدين تقتضي أحوالا مختلفة بحسب اختلاف الوقت ومصلحته ومناسباته ، فرب وقت لا يسع فيه إلا الملاينة والابقاء على أنفس المؤمنين الداعين الى الحق ليتلطفوا في نشر الدعوة بالرفق والمطايبة الى أن تسنح له الفرصة الى نشرها بالحزم والجد ، وذلك حيث يأمنون بحسب العادة من استئصالهم الموجب لانعدام أنصار الدعوة ، فان الغرض في مثل هذه الامور ليس مجرد تسليم النفوس للهلاك وإنما هو النهضة لاعلاء دين الحق ببث الدعوة وكسر شوكة الضلال بتعاضد الأنصار ، فربما لا يمنع العقل ولا الشرع من بعض أنحاء الملاينة والمداراة من بعض الأشخاص في بعض الأحوال إذا كان الحزم والشدة فيها هادمين لبنيان الدعوة مضعضعين لأساسها ، نعم لا يجوز للنبي معلم الدعوة أن ينكل عنها وينكرها أو يبدل في تعليمها بحال من الأحوال ، وإنما له في فلسفتها ان يتمهل في الجد في تكرارها ويتلطف في أمرها الى أن تسنح له الفرصة في اجرائها بالحزم والشوكة ، فنقول بناء على