الخمر ، وإنما هو امتحان لصاحب الإيمان المستودع والتقوى الادعائية لكي يظهر غشه ويبرز كامن فسقه وضلال ريائه ، كما انه امتحان أيضا لثابت الايمان وصادق التقوى ليظهر كماله في طاعته وتقواه فيضاعف أجره ويرتفع مقامه ، كما امتحن الله ابراهيم بذبح ولده ، انظر «تك ٢٢ ، ١ ـ ١٩» ، ولا شك ان كثرة الحيتان يوم السبت لا تميل بالنفس عن التقوى والطاعة كالأمر بذبح الولد.
وأما تشبث المتكلف بما حكاه عن رسالة يعقوب فهو واه من وجوه «أحدها» انه كتابه فليحتج به على نفسه وليفرح بذلك ، «ثانيها» انه لو كان معناه كما يحاول لكان مناقضا لما ذكرنا من كتبه ، فانه ان كان تكثير السمك في السبت تجربة بالشر فالأمر بذبح الولد تجربة بشر منه واعطاء القوات والآيات والعجائب للمتنبي والحالم والدجال يكون تجربة بشر الشرور ، «ثالثها» ان الذي في رسالة يعقوب لا يؤاتيه على مزاعمه ، فان معناه ان الذي صار غلويا لا ينسب الاغواء الى الله لأن الله لا يغوي أحدا بل الخاطئ يغوي إذا انجذب وانخدع من جهة شهوته ونفسه الامارة ، فان الشهوة إذا حبلت ولدت خطيئة انظر «يع ١ ، ١٣ ـ ١٦» فان المتكلف قد بتر منقوله وشوشه.
وأما صيرورتهم قردة فهو عبارة عن تحول صور أجسامهم الى صور أجسام القردة ، ومادة الصورتين واحدة ، وهو المسمى في الاصطلاح بالمسخ وهو مباين للتناسخ ، فان التناسخ عبارة عن تحول النفس وحدها من جسم الى جسم آخر مباين له في المادة والصورة.
وان المسخ ممكن في قدرة الله ، وقد ذكر العهدان وقوعه ، فقد ذكرت التوراة ان امرأة لوط صارت في آن واحد عمود ملح «تك ١٩ ، ٢٦» وجاء في انجيل لوقا عن قول المسيح في علامات القيامة ووقوع الهلاك ، كما في أيام نوح ولوط ، في ذلك اليوم من كان على السطح وأمتعته في البيت فلا ينزل ليأخذها والذي في الحقل كذلك لا يرجع الى الوراء اذكروا امرأة لوط «لو ١٧ ، ٢٦ ـ ٣٦» ، إذا عرفت ذلك فقد اخبر الوحي بوقوع هذا الأمر الممكن فليس إنكاره إلا الجحود.