ولا حكم لأحد في خلقه بنصب الخليفة من قبل نفسه (الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ قُلْ هُوَ) اى التّوحيد أو ما انبأتكم به من ولاية علىّ (ع) وإمامته كما فسّر في الخبر بأمير المؤمنين (ع) وإمامته (نَبَأٌ عَظِيمٌ) لانّ الولاية هي النّبأ الّذى لا نبأ الّا وهو نبأ منه ولا امر ولا نهى ولا رسالة ولا نبوّة ولا بشارة ولا إنذار ولا وعد ولا وعيد الّا به وله (أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) والاعراض عنه اعراض عن اللّطيفة الانسانيّة وهي اللّطيفة الإلهيّة وهي ربّ كلّ مربوب في مقامه النّازل وهي اسم الرّبّ وهي العبوديّة الّتى كنهها الرّبوبيّة وهي الحبل من الله الّذى ضرب عليهم الذّلّة الّا به وبحبل من النّاس (ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ) مقول قوله (ص) يعنى قل لهم ما كان لي علم ان سألوك عن الملأ الأعلى أو نبّههم على انّ الملأ الا على الّذين لا التفات لهم الى الأرض وأهلها يختصمون في هذا النّبأ لسبب العلم باختصامهم عن نفسك وقل : ما كان لي من علم قليل (بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) في هذا النّبأ العظيم لعظم اختصامهم وعظم المختصم فيه كأنّه لا يمكن للبشر العلم باختصامهم مع انّى قد اطّلعت على مقامهم وكلامهم (إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) قرئ بفتح همزة انّما بتقدير اللّام أو بجعل الجملة في موضع مرفوع يوحى ، وروى ابن عبّاس عن النّبىّ (ص) انّه قال : قال لي ربّى : أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ ـ فقلت : لا ، قال : اختصموا في الكفّارات والدّرجات فامّا الكفّارات فإسباغ الوضوء في السّبرات ، ونقل الاقدام الى الجماعات ، وانتظار الصّلوة بعد الصّلوة ، وامّا الدّرجات فإفشاء السّلام ، وإطعام الطّعام ، والصّلوة باللّيل والنّاس نيام ، وعلى هذا يكون هذا الكلام على الحكاية بتقدير محذوف كأنّه قيل : قال لي ربّى : أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ ـ قلت : لا علم لي (الى الآخر) وذكر في خبر المعراج مضمون هذا الخبر ويجوز ان يكون المراد بالنّبإ العظيم خبر خلق آدم ويكون قوله ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون بمعنى إذ يختصمون في خلق آدم (ع) ويكون قوله (إِذْ قالَ رَبُّكَ) متعلّقا بيختصمون أو بدلا من إذ يختصمون وإذ يختصمون ظرف لكان أو بدل من الملأ الأعلى يعنى ما كان لي من علم بالملإ الأعلى بوقت قوله تعالى (لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) قد مضى في اوّل البقرة بيان تامّ لهذه الآيات وقد أشير الى بيانها في سورة الأعراف أيضا (قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) قد مضى بيان هذه الآيات في سورة الحجر (قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) قرئ بنصب الحقّ في كليهما ، وعلى هذا يكون الحقّ في كليهما ، وعلى هذا يكون الحقّ الاوّل مفعول فعل محذوف اى فأحق الحقّ أو فالحقّ تقول ، أو يكون مفعولا لأقول ويكون الحقّ الثّانى معطوفا للتّأكيد أو يكون مفعولا لخذ محذوفا بقرينة المقام ، أو يكون منصوبا بحذف حرف القسم ، وقرئ برفع الاوّل ونصب الثّانى ، وعليه يكون الحقّ الاوّل مبتدء محذوف الخبر اى الحقّ مقول لي أو مقول لك أو يميني أو منّى ، أو يكون خبره جملة القسم المحذوف وجوابها فانّ الحقّ في معنى الجملة ، أو يكون الحقّ الاوّل خبرا محذوف المبتدأ اى انا الحقّ أو قولي الحقّ أو قولك الحقّ ، وقرئا مرفوعين على ان يكون الحقّ الاوّل على الوجوه السّابقة ، ويكون الحقّ الثّانى مبتدء وأقول خبره