(إِلَّا عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فيعلم انّى صادق فيما أقول وانّ الأجر الّذى اطلبه منكم من المودّة في القربى نافع لكم ، وانّ اجرى الّذى هو نافع لي ليس الّا على ربّى وليس في وسعكم القيام بأدائه (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِ) على الباطل فيدمغه ، أو يقذف بالحقّ الى أنبيائه (ع) أو يقذف بالحقّ الىّ على الاستمرار (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) فيعلم الباطل ولو كان مكمونا في قلوبكم ونفوسكم فيدمغه ويعلم محالّ الحقّ فيلقيه إليها ، رضيتم أم لم ترضوا (قُلْ) مستبشرا بمجيء الحقّ وتهديدا لأهل الباطل (جاءَ الْحَقُ) يعنى الولاية فانّها حقّ بحقيقة الله كما تكرّر في ما سلف وكلّ حقّ حقّ بحقّيّته (وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) يعنى زهق الباطل بحيث لا يتمشّى منه إبداء ولا اعادة ، ويجوز ان يكون لفظة ما استفهاميّة يعنى اىّ شيء يبدئ الباطل فيكون نفيا للابداء مثل الاوّل مع التّأكيد ، وقيل : انّ المراد بالباطل إبليس فيكون ردّا على الثّنويّة المعتقدة لإبليس وابدائه وإعادته ، وقيل : المعنى لا يبدئ الباطل لأهله خيرا في الدّنيا ولا يعيد خيرا في الآخرة ، أو المعنى ما يتكلّم الباطل بكلام مبتدء ولا بإعادة كلام الغير كالجبال ، روى عن الرّضا (ع) انّه دخل رسول الله (ص) مكّة وحول البيت ثلاثمائة وستّون صنما فجعل يطعنها بعود في يده ويقول : جاء الحقّ وزهق الباطل انّ الباطل كان زهوقا ، جاء الحقّ وما يبدئ الباطل وما يعيد (قُلْ) بصورة الإنصاف معهم (إِنْ ضَلَلْتُ) فليس ضرر ضلالتي عليكم (فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) فلا مفاخرة لي فيه عليكم (إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) يسمع أقوالي ويعلم أحوالي واستعدادي واستحقاقي (وَلَوْ تَرى) لو للتّمنّى أو للشّرط والجواب محذوف (إِذْ فَزِعُوا) من الهول أو من الصّيحة (فَلا فَوْتَ) لهم من بأسنا وأخذ ملائكتنا (وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) من تحت اقدامهم بالخسف كما في الخبر عن الباقر (ع) : لكأنّى انظر الى القائم (ع) أو قد أسند ظهره الى الحجر (الى ان قال) فاذا جاء الى البيداء يخرج اليه جيش السّفيانىّ فيأمر الله عزوجل الأرض فتأخذ باقدامهم وهو قوله عزوجل : ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب (وَقالُوا آمَنَّا بِهِ) يعنى بالقائم (ع) أو بمحمّد (ص) (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ) اى التّناول للايمان (مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) فانّهم كانوا حينئذ في أسفل مراتب النّفس والايمان لا يؤخذ الّا في أعلى مراتب النّفس (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ) بالقائم (ع) أو بمحمّد (ص) (مِنْ قَبْلُ) اى من قبل ذلك الزّمان ، أو من قبل ذلك المكان الّذى هو أسفل امكنة النّفس (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ) اى يلقون الأمر الغائب عنهم بمحض الظّنّ والتّخمين ، أو يقذفون بالغيب الغائب عنهم على الحاضر المشهود لستره (مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) من الغيب (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) بأنفسهم الحيوانيّة عند الموت ، أو في القيامة ، أو في كليهما (كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ) اى اسناخهم (مِنْ قَبْلُ) اى من قبلهم أو كما فعل باتباعهم من قبل بسبب متابعتهم فانّهم باتّباعهم للرّؤساء قد حرّموا على أنفسهم بعض المشتهيات وحرّموا عن جملة المشتهيات الاخرويّة (إِنَّهُمْ) اى الأشياع أو الرّؤساء أو المجموع (كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) عن النّبىّ (ص) انّه ذكر فتنة تكون بين أهل ـ المشرق والمغرب ، قال : فبيناهم كذلك يخرج عليهم السّفيانىّ من الوادي اليابس في فور ذلك حتّى ينزل دمشق فيبعث جيشين ، جيشا الى المشرق وآخر الى المدينة حتّى ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة يعنى بغداد فيقتلون فيها أكثر من ثلاثة آلاف ، ويفضحون أكثر من مائة امرأة ، ويقتلون بها ثلاث مائة كبش من بنى العبّاس ، ثمّ ينحدرون الى الكوفة فيخرّبون ما حولها ثمّ يخرجون متوجّهين الى الشّام فيخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش فيقتلونهم