المعصوم : كذّب الّذين من قبلهم رسلهم (ع) وما بلغ ما آتينا رسلهم معشار ما آتينا محمّدا (ص) وآل محمّد (ع) فيكون الآية تسلية للرّسول (ص) بخلاف الوجهين السّابقين فانّهما يفيدان التّسلية ضمنا ، ويكون لتفضيح قومه يعنى انّ الرّسل الماضين قد كذّبوا والحال انّك اولى بالتّكذيب منهم لانّ ما آتيناك اولى بالحسد ممّا آتيناهم ، وليس التّكذيب لامثالك الّا من جهة الحسد عليهم ، أو المعنى ما بلغ الرّسل (ع) معشار ما آتينا محمّدا (ص) من دلائل الصّدق فيكون مثل الوجهين السّابقين في الدّلالة على تفضيح القوم (فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) يعنى انّك أو انّكم يا أمّة محمّد (ص) ان لم تشاهدوا نكيري وإنكاري عليهم فقد سمعتم أخبارهم وشاهدتم آثار مؤاخذتى لهم فليحذر قومك عن تكذيبك ومؤاخذتى (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) بكلمة واحدة أو خصلة واحدة (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ) عن اعوجاجكم أو عن قعودكم عنه (مَثْنى وَفُرادى) وهذه بدل من واحدة وقد ورد في اخبار كثيرة انّ المراد بالواحدة ولاية علىّ (ع) وحينئذ يكون ان تقوموا بتقدير اللّام أو بدلا منها بدل الاشتمال أو بدل الكلّ من الكلّ فانّ الولاية بوجه هي القيام لله وبوجه مستلزمة للقيام لله ، روى عن يعقوب بن يزيد انّه قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عزوجل : قل انّما أعظكم بواحدة؟ ـ قال : بالولاية ، قلت : وكيف ذاك؟ ـ قال : انّه لمّا نصب النّبىّ (ص) أمير المؤمنين (ع) للنّاس ، فقال : من كنت مولاه فعلىّ مولاه ، اعتبس رجل وقال : انّ محمّدا (ص) ليدعو كلّ يوم الى امر جديد وقد بدأ باهل بيته يملّكهم رقابنا ، فأنزل الله عزوجل على نبيّه قرآنا فقال له : قل انّما أعظكم بواحدة ، فقد ادّيت إليكم ما افترض ربّكم عليكم ، قلت : فما معنى قوله عزوجل ان تقوموا لله مثنى وفرادى؟ ـ فقال : امّا مثنى يعنى طاعة رسول الله (ص) وطاعة أمير المؤمنين (ع) ، وامّا قوله فرادى يعنى طاعة الامام من ذرّيّتهما من بعدهما ، ولا والله يا يعقوب ما عنى غير ذلك ، وعلى هذه الرّواية يكون مثنى وفرادى حالين من الله والمعنى قل انّما أعظكم بواحدة يعنى بولاية علىّ (ع) ان تقوموا لطاعة الله في مظاهره حالكون الله مثنى باعتبار مظاهره كزمان الرّسول (ص) فانّ الرّسول (ص) وأمير المؤمنين (ع) كانا مظهرين في ذلك الزّمان لله وطاعة كلّ كان طاعة الآخر وطاعة الله ، وفرادى كزمان سائر الائمّة (ع) فان كلّا كان في زمانه مظهرا لطاعة الله وكان فردا فانّ الامام الآخر كان صامتا غير داع ، أو يكونان حالين من فاعل تقوموا يعنى ان تقوموا لله حالكون كلّ منكم ذا وجهين ، وجه قبول الرّسالة ووجه قبول الولاية كما في زمان الرّسول (ص) ، أو ذا وجه واحد هو وجه قبول الولاية ، فانّ احكام الرّسالة مقدّمة لقبول الولاية كما ورد : انّ الله رخّص فيها ولم يرخّص في الولاية ، وعلى التّفاسير السّابقة يكونان حالين عن فاعل تقوموا ، والاختصاص بهاتين الحالين لانّ الازدحام يفرّق الخاطر ولا يبقى له حالة الفكر ، ويدلّ على تفسير الواحدة بالولاية قوله تعالى : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) فانّه ما سأل على رسالته اجرا الّا المودّة في القربى يعنى اتّباع أوصيائه وقبول ولايتهم ، يعنى ما سألتكم من الأجر على التّبليغ من المودّة في القربى فانّه نافع لكم لانّكم ان اتبعتموهم نجوتم من عذاب الآخرة وبوركتم في دنياكم وأنعم عليكم في عقباكم كما قال : (لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ) بحسب الآخرة والأرض بحسب الدّنيا وليس الايمان الّا قبول الولاية كما تكرّر في مطاوى ما سلف (ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا) يعنى بعد القيام لله وخلوص الوهم والمتفكّرة من حكومة الشّيطان وتصرّفه ينبغي ان تتفكّروا (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) جملة معلّق عنها تتفكّروا يعنى ان تتفكّروا في انّه ما بصاحبكم من جنّة وتعلموا انّه في كمال العقل والتّدبير (إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) عذاب البرازخ أو القيامة أو الجحيم (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ) الّذى هو عائد الىّ ونافع لي