منها جائزا ومباحا الّا لمن اذن الله له بلا واسطة كالأنبياء (ع) أو بواسطة كالاوصياء (ع) فالويل! ثمّ الويل! لمن نصب نفسه علما للنّاس وتصدّى المحاكمات أو الفتاوى أو الامامة أو أخذ الصّدقات أو أخذ البيعة من العباد من غير اذن واجازة من الله فانّه مفتر على الله ومن أظلم ممّن افترى على الله كذبا. نسب الى القمىّ انّه قال : لا يشفع أحد من أنبياء الله وأولياء الله (ع) ورسله (ع) يوم القيامة حتّى يأذن الله له الّا رسول الله (ص) فانّ الله عزوجل قد اذن له في الشّفاعة من قبل يوم القيامة والشّفاعة له وللائمّة (ع) ثمّ بعد ذلك للأنبياء ، وعن الباقر (ع) في حديث : ما من أحد من الاوّلين والآخرين الّا وهو محتاج الى شفاعة رسول الله (ص) يوم القيامة ثمّ قال : انّ رسول الله (ص) الشّفاعة في أمّته ولنا الشّفاعة في شيعتنا ، ولشيعتنا الشّفاعة في أهاليهم وانّ المؤمن ليشفع في مثل ربيعة ومضر ، وانّ المؤمن ليشفع حتّى خادمه يقول : يا ربّ حقّ خدمتي كان يقيني الحرّ والبرد (حَتَّى إِذا فُزِّعَ) غاية لمحذوف تقديره فالخلق في الحيرة والوحشة حتّى إذا فزّع (عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا) اى بعضهم لبعض أو قالوا للملائكة أو للشّافعين (ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) وفي خبر عن الباقر (ع) وذلك انّ أهل السّماوات لم يسمعوا وحيا فيما بين ان بعث عيسى بن مريم (ع) الى ان بعث محمّد (ص) فلمّا بعث الله جبرئيل (ع) الى محمّد (ص) سمع أهل السّماوات صوت وحي القرآن كوقع الحديد على الصّفا فصعق أهل السّماوات فلمّا فرغ من الوحي انحدر جبرئيل (ع) كلّما مرّ باهل سماء فزع عن قلوبهم يقول كشف عن قلوبهم فقال بعضهم لبعض : ماذا قال ربّكم؟ ـ قالوا الحقّ وهو العلىّ الكبير ، وعلى هذا فالتّقدير استمع جبرئيل الوحي وصعق الملائكة من سماعه فانحدر جبرئيل حتّى إذا مرّ باهل السّماوات وفزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم؟ (قُلْ) يا محمّد إلزاما لهم على الإقرار بالمبدء الخالق الرّازق (مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بتهيّة الأسباب السّماويّة والارضيّة لارزاقكم الانسانيّة والحيوانيّة والنّباتيّة أو من السّماوات بالرّزق الانسانىّ ومن الأرض بالرّزق النّباتىّ والحيوانىّ (قُلِ اللهُ) إذ لا جواب لهم سواه (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) بعد ما أبطل الشّركاء وأبطل جواز دعوتهم أتى بضلالة اتباع الشّركاء بنحو يكون أقرب الى الإنصاف وابعد من المشاغبة ، فانّ المعنى المستفاد من هذه العبارة بعد ما سبق من إظهار عجز الشّركاء معنى قولنا نحن على هدى وأنتم في ضلال مبين لكنّه أتى بكلمة أو التّفصيليّة المفيدة للتّقسيم في جانب المسند اليه والمسند جميعا لئلّا يشاغب الخصم ويشتدّ مخاصمته وإنكاره فكأنّه قال : (إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) بنحو اللّفّ والنّشر ، واختلاف حرفي الجرّ في جانب المسند للاشعار بانّ المهتدى مستول على صفاته ومحيط بها ، والضّالّ مغلوب لصفاته ومحاط لها (قُلْ) بطريق الإنصاف في المجادلة (لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا) بنسبة الاجرام الى أنفسكم (وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) بنسبة العمل دون الاجرام إليهم (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا) في القيامة حتّى يكون وعدا ووعيدا لكم ولهم (ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِ) بحكومة حقّة (وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ) يعنى قل أظهروا شركاءكم لله حتّى يظهر عليكم انّه ليس لها من وصف الشّراكة لله شيء (كَلَّا) كلام من الله لردعهم عن الإشراك أو جزء مقول قوله (بَلْ هُوَ اللهُ) المعبود بالحقّ لا غيره (الْعَزِيزُ) الغالب الّذى لا يجوز ان يكون في مقابله ثان (الْحَكِيمُ) الّذى يعجز عن ادراك دقائق صنعه ولطائف علمه عقول العقلاء فكيف يكون مصنوعه أو مصنوعكم شريكا له مع اتّصافه بالجهل وعدم الشّعور فضلا عن الحكمة (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) كافّة حال مقدّم عن النّاس بمعنى كلّهم نحو جاء النّاس كافّة كأنّ معناه حالكون النّاس كافّة بعمومه كلّ فرد من الخروج عن