ارض خيبر افتتحها الله بالصّلح من دون وطئ خيل وجمل بعد بنى قريظة ، وقيل : هي مكّة ، وقيل : هي الرّوم وفارس ، وقيل : هي كلّ ارض تفتح الى يوم القيامة ، وقيل : هي كلّ ما أفاء الله على رسوله (ص) ممّا لم يوجف بخيل ولا ركاب (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً يا أَيُّهَا النَّبِيُ) خطاب آخر خاصّ به (ص) ناداه بعد ما قالت بعض نسائه حفصة أو زينب بنت جحش ان طلّقنا وجدنا أكفاء في قومنا ، وسببه على ما قاله القمىّ انّه لمّا رجع رسول الله (ص) من خيبر وأصاب كنز آل ابى الحقيق قالت أزواجه : أعطنا ما أصبت فقال لهنّ رسول الله (ص) : قسّمته بين المسلمين على ما امر الله فغضبن وقلن لعلّك انّك ترى ان طلّقتنا انّا لا نجد الأكفاء من قومنا يتزوّجونا؟ فانف الله تعالى لرسوله (ص) فأمره الله تعالى ان يعتزلهنّ فاعتزلهنّ رسول الله (ص) في مشربة امّ إبراهيم تسعة وعشرين يوما حتّى حضن وطهرن ثمّ انزل الله هذه الآية فقال : (قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) لا للمسيئات الخارجات بالسّيوف فقامت امّ سلمة اوّل من قامت فقالت : قد اخترت الله واخترت رسوله (ص) فقمن كلّهن فعانقنه وقلن مثل ذلك فأنزل الله تفخيما لشأنه (ص) وتخييرا له ترجى من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء (يا نِساءَ النَّبِيِ) ثمّ قطع مخاطبة النّبىّ (ص) وخاطب أزواجه تفخيما لشأنهنّ من حيث انّهنّ أزواج النّبىّ (ص) (مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) قبحها أو ظاهرة على الانظار كالخروج بالسّيف وقد فسّرت في الاخبار بالخروج بالسّيف وبالخروج على علىّ (ع) تعريضا بفعلة عائشة (يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) يعنى في الآخرة والّا فعلىّ (ع) أحسن أسرها في الدّنيا بعد ما قاتل وقتل مقاتليها وقال في حقّها : ولها حرمتها ، (وَكانَ ذلِكَ) التّضعيف (عَلَى اللهِ يَسِيراً) ولمّا كان المقام للتّهديد أتى بالتّيسير قبل ذكر تضعيف الأجر للمحسنات منهنّ لئلّا يتوهّم انّه لتضعيف الأجر.
الجزء الثّانى والعشرون
(وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَ) من يتواضع أو يطع (لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً) ما ، أو صالحا عظيما هو ولاية علىّ بن ابى طالب (ع) (نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً) كلّ ذلك بشرافة قرب النّبىّ (ص) فانّ عصيان القريب من الرّسول (ص) أعظم قبحا وطاعته أعظم اجرا (يا نِساءَ النَّبِيِ) تشريف آخر لهنّ بتكرار النّداء والخطاب (لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) بسبب قرب النّبىّ (ص) وشرافته (إِنِ اتَّقَيْتُنَ) ان كنتنّ على سجيّة التّقوى ، أو اتّقيتنّ سخط الله ، أو اهوية النّفس والطّرق المختلفة النّفسانيّة (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) اى لا تظهرن قولكنّ لمخاطبيكنّ بحيث يظهر معها محبّتكنّ لهم (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) فيكنّ (وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) اى بعيدا من الرّيبة (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) قرئ بكسر القاف وحينئذ يجوز ان يكون من الوقار ومن القرار ، وقرئ بفتح القاف وحينئذ يكون من القرار فانّ قرّ استعمل من باب علم ومن باب ضرب (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) تلويح بعائشة وفعلتها بالنّسبة الى علىّ (ع) فانّه كما روى عن النّبىّ (ص) عاش يوشع بن نون بعد موسى ثلاثين سنة وخرجت عليه صفوراء بنت شعيب زوجة موسى (ع) فقالت : انا احقّ منك بالأمر فقاتلها فقتل مقاتليها وأحسن أسرها ، وانّ ابنة ابى بكر ستخرج على علىّ (ع) في كذا وكذا ألفا من أمّتي فيقاتلها فيقتل مقاتليها ويأسرها ويحسن أسرها