الاخبار بأنّ الرّسول (ص) قال لعلىّ (ع) يا علىّ ، قال اللهمّ اجعل لي في قلوب المؤمنين ودّا ، فقال علىّ (ع) ذلك ونزلت الآية ، وفي بعض الاخبار ولاية أمير المؤمنين (ع) هي الودّ الّذى قال الله تعالى ، والودّ بتثليث الواو مصدر ودّ من باب علم ومنع أو وصف منه والمناسب هو معناه الوصفىّ فانّ المقصود انّا سنجعل لهم محبّا هو محبوبهم عند الرّجوع إلينا ، فانّ نورهم يعنى امامهم يسعى حينئذ بين أيديهم وبايمانهم وان كان المراد به معناه المصدرىّ فالمقصود هو هذا المعنى ، فانّ الحبّ الحقيقىّ هو ملكوت الامام الّذى يظهر على صدر السّالك وهذا يشير الى ما قاله الصّوفيّة من الفكر والحضور والسّكينة وهو ظهور الامام بملكوته على السّالك وانّ السّالك ينبغي ان يكون تمام اهتمامه بظهور الشّيخ عليه وانّه البغية القصوى والقنية العظمى (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ) الفاء عاطفة دالّة على شرافة الحكم الآتي والهاء للقرآن أو قرآن ولاية علىّ (ع) أو جعل الودّ الّذى هو ملكوت علىّ (ع) (بِلِسانِكَ) بلغتك فانّ اللّسان يستعمل كثيرا في اللّغة أو على لسانك أو في لسانك (لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ) الّذين اتّقوا بالولاية الطّرق المنحرفة النّفسانيّة (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) جمع الالدّ وهو الخصم الشّحيح الّذى لا يزيغ الى الحقّ (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) بيان لجهة من جهات الإنذار (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ) حال ممّا بعده (مِنْ أَحَدٍ) لفظة من زائدة (أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) صوتا يعنى لا ترى منهم عينا ولا تسمع منهم صوتا.
سورة طه
مكّيّة كلّها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(طه) قد سبق بيان تامّ لأمثاله وقد ورد فيه بخصوصه انّه من أسماء النّبىّ (ص) (ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) بل لتسعد فانّ المفاهيم في مقام الخطابة معتبرة ، والشّقاء بمعنى العناء والتّعب ، وقد ورد بطرق متعدّدة انّ الرّسول (ص) كان يقوم على أطراف أصابع قدميه حتّى تورّمت قدماه (ص) واصفرّ وجهه (ص) ، ويقوم اللّيل جمع حتّى عوتب في ذلك فقال الله تعالى : (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) (إِلَّا تَذْكِرَةً) استثناء منقطع أو استثناء مفرّغ ومفعول له لتشقى أو مفعول له لما أنزلنا بشرط ان جعل لتشقى حالا من القرآن أو من مجرور عليك أو استثناء مفرّغ حال من فاعل أنزلنا أو من مجرور عليك أو من القرآن أو من فاعل تشقى (لِمَنْ يَخْشى) الخوف بالمعنى الخاصّ من صفات النّفس ما لم تصر عالمة تحقيقا فاذا صارت عالمة تبدّل خوفها بالخشية كما انّها إذا صارت مكاشفة ومشاهدة صارت خشيتها هيبة (تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى) تنزيلا مفعول مطلق لفعله المحذوف ، أو منصوب على المدح بفعل المدح ، أو مفعول مطلق نوعىّ لما أنزلنا ، أو مفعول به ليخشى ، أو مفعول