عدلا أو معتدلا أو وسطا (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) لا قالا ولا حالا فانّ من نزل عليه السّكينة بحيث تصير مالكة له لم يبق له جهة دعاء غير الله (وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) في العالم الصّغير ولا في العالم الكبير بخلاف من لم يصر عبدا للرّحمن سواء صار عبدا للشّيطان أو لغير الرّحمن من أسمائه تعالى فانّه يقتل النّفس المحترمة من القوى الانسانيّة أو القوى الحيوانيّة في طريق الانسانيّة بغير الحقّ سواء قتل نفسا في الخارج أو لم يقتل (إِلَّا بِالْحَقِ) اى بأمر الحقّ أو بسبب امر حقّ من قصاص وحدّ أو بالحقّ المطلق بان يكون يده يد الحقّ.
اعلم ، انّه ما لم يصر يد القاتل يد الحقّ أو مسخّرة لأمر الحقّ وما لم يصر لسان الآمر بالقتل لسان الحقّ أو مسخّرا لأمره لا يجوز القتل ولا الأمر بالقتل سواء كان ذلك في قصاص وحدّ أم غير ذلك ، ولذلك لا يجوز القتل واجراء الحدود الّا من حاكم الهىّ أو من يأمره ذلك الحاكم بحيث يكون المأمور مسخّرا لأمر الحاكم ومتحرّكا بأمره ، وامّا من لم يكن كذلك فلا يجوز له القتل ولا الأمر بالقتل كما قيل :
آنكه جان بدهد اگر بكشد رواست |
|
نائب است ودست أو دست خداست |
وعلى هذا كان المعنى لا يقتلون النّفس الّتى حرّم الله قتلها الّا بالله اى بيد الله (وَلا يَزْنُونَ) لا يتّبعون الشّهوات. اعلم ، انّ ذنوب الإنسان منحصرة في مقتضيات الشّيطنة والقوّة الغضبيّة والشّهويّة وقد أشار تعالى الى أمّهات مقتضيات الثّلاث فانّ دعاء غير الله من مقتضيات الشّيطنة بل نقول مقتضيات الشّيطنة منحصرة في دعاء غير الله لانّ كلّ إعجاب بالنّفس وكلّ مراياة ومجادلة وغيرها من مقتضيات الشّيطنة دعاء لغير الله ، وقتل النّفس من مقتضيات الغضب ، والزّنا من مقتضيات الشّهوة ، وعلى تعميم قتل النّفس وتعميم الزّنا جملة مقتضياتهما منحصرة فيهما (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) المذكور من مقتضيات الثّلاث (يَلْقَ أَثاماً) عقوبة ، أو الاثام كما في الخبر واد في جهنّم أو هو من إثمه الله في كذا كمنع ونصر عدّه عليه إثما (يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ) بدل من قوله يلق أثاما أو مستأنف جواب لسؤال مقدّر (يَوْمَ الْقِيامَةِ) ومعنى مضاعفة العذاب انّه يضاعف عذابه في القيامة بالنّسبة الى عذابه وحدّه في الدّنيا أو يضاعف في القيامة بالنّسبة الى عذابه في البرزخ فانّه في البرزخ يعذّب بعذاب من نفسه بظهور صورة العصيان عليه وإذا وصل الى القيامة يعذّب بعذاب من نفسه وبعذاب هو جزاء عمله ، وبعبارة اخرى يعذّب في البرزخ بتجسّم عمله وفي القيامة به وبجزائه وليس المراد انّه يضاعف له العذاب بالنّسبة الى استحقاقه حتّى ينافي عدله (وَيَخْلُدْ فِيهِ) اى في العذاب أو في الاثام (مُهاناً) التّقييد به للاشعار بانّ بعضا يعذّب لا على وجه الاهانة أو هو تأكيد وبيان (إِلَّا مَنْ تابَ) بالتّوبة العامّة النّبويّة على يد نبىّ (ص) أو خليفة نبىّ (ص) (وَآمَنَ) اى قبل احكام الإسلام بالبيعة العامّة (وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً) بالتّوبة الخاصّة الولويّة وقبول الدّعوة الباطنة والبيعة الخاصّة الولويّة فانّه لاصلاح لعمل الّا بالولاية الحاصلة بالبيعة الولويّة وقبول الدّعوة الباطنة ، أو التّوبة كناية عن الإسلام المشتمل على التّوبة والبيعة العامّة ، وآمن كناية عن البيعة الخاصّة الّتى بها يحصل الايمان الخاصّ ، والعمل الصّالح عبارة عن العمل بما أخذ عليه في ميثاقه الّذى هو المراد بالوفاء بعهد الله ، والحاصل انّه لا بدّ من أخذ الايمان الخاصّ والبيعة الولويّة في المستثنى حتّى يصحّ ترتّب تبديل السّيّئات حسنات عليه ، لانّ ذلك ليس الّا لمن تولّى عليّا (ع) كما مضى مكرّرا تصريحا وتلويحا (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) قد مضى منّا مكرّرا انّ كلّ فعل من الإنسان يوجب فعليّة لنفسه وكلّ فعليّة إذا لم تكن مسخّرة للعقل كانت مسخّرة للشّيطان والنّفس ، وكلّ فعليّة مسخّرة للشّيطان كانت سيّئة النّفس ، وإذا تاب الإنسان ودخل تحت حكم العقل بواسطة ولىّ الأمر يصير جميع فعليّاته مسخّرة تحت العقل وكلّ فعليّة مسخّرة تحت العقل