ونوره المنبسط على جميع الأشياء وبها يخرج الأشياء من اللّيس المحض الى الايس ، ومن العدم الى الوجود ، ومن الظّلمة الى النّور ، ومن الخفاء الى الظّهور ، وانّ الذّات الاحديّة بدون هذا العنوان غيب محض لا اسم له ولا رسم ولا خبر عنه ولذلك سمّى في الاخبار بالعمى ، وقد فسّر الله تعالى في الآيات بسائر مظاهره من الأنبياء والأولياء (ع) فانّه فسّر الكفر والشّرك بالله تعالى في الاخبار بالكفر والشّرك بخلفائه ، وانّ النّور اسم للضّياء سواء كان ضياء الشّمس أو القمر أو سائر الكواكب ، وسواء كان ضياء النّار والسّراج أو الجواهر أو غيرها ، أو هو اسم لشعاع الضّياء ، أو هو اعمّ وقد نار نورا وأنار واستنار ونوّر وتنوّر كلّها بمعنى أضاء اللّازم ، وجاء أنار ونوّر متعدّيين أيضا ، والنّور اسم لمحمّد (ص) أو نبوّته أو رسالته أو ولايته أو اسم لعلىّ (ع) أو خلافته أو ولايته ، وقد يطلق على الّذى يبيّن الأشياء مطلقا ضياء وشعاعا كان ، أو دليلا وبرهانا ، أو علامة وآثارا ، وبهذا المعنى يطلق على الكتب السّماويّة والخلفاء الالهيّة ، وقد يطلق على الهدى وما به الهدى وبهذا المعنى أيضا يكون الكتب السّماويّة والرّسالات والنّبوّات والولايات والأقوال والأفعال والأحوال والأخلاق الحسنة كلّها أنوارا وانّه لا اختصاص للأسماء بمصاديقها العرفيّة بل المعتبر في صدقها هي المعاني المطلقة الحاصلة في جميع العوالم وجميع المراتب من دون اعتبار خصوصيّة من خصوصيّات المصاديق والعوالم فيها ، فانّ النّور اسم للظّاهر بذاته من دون وساطة امر آخر المظهر لغيره ، والنّور العرضىّ الّذى لا يبقى آنين وليس ظاهرا الّا على الأبصار ولا يكون ظهوره على الأبصار الّا بعد اجتماعه في سطح كثيف غليظ لا ينفذ فيه ولا يظهر الّا السّطوح والألوان والاشكال ولا يظهر الّا على الأبصار دون سائر المدارك أحد مصاديقه من دون اعتبار تلك الخصوصيّات في صدقه ، بل نقول : معنى الظّاهر بذاته المظهر لغيره ليس حقيقة الّا لحقيقة الوجود الّذى هو واجب لذاته وموجب لغيره ، وامّا سائر الأنوار العرضيّة والحقيقيّة الّتى هي وجودات الأشياء وأنوار الرّسالة والنّبوّة والولاية والهداية فهي وان كانت بوجه ظاهرة بذواتها بمعنى انّه لا حاجة لها الى نور آخر تظهر هي به لكنّها محتاجة الى علّة تخرجها وتظهرها والى ما تقع عليه من سطوح المهيّات والصّدور والقلوب والأرواح ومن سطوح الأجسام المادّيّات فهي ليست في الحقيقة ظاهرة بذواتها ، وانّ السّماوات لا اختصاص لها بالأفلاك الطّبيعيّة والكرات العلويّة بل كلّما كان فيه جهة علوّ وفاعليّة بالنّسبة الى ما دونه فهو سماء بالنّسبة اليه فالعقول الكلّيّة الطّوليّة والعرضيّة والنّفوس الكلّيّة والجزئيّة والأفلاك الطّبيعيّة كلّها سماوات ، والأرض اسم لما له تسفّل وقبول ولا اختصاص لاسم الأرض بالأرض الغبراء بل عالم الطّبع بشراشره وعالما المثال السّفلىّ والعلوىّ كلّها ارض ، وقد مضى في اوّل سورة الانعام وجه جمع السّماوات وافراد الأرض وانّ السّماء والأرض اسمان للموجود منهما الممتاز بتعيّن السّماوىّ والارضىّ ، أو اسمان لنفس مهيّاتهما من دون اعتبار الوجود معها فعلى هذا صحّ ان يقال في بيان الآية : انّ الله ذو نور السّماوات والأرض موافقا لما نسب الى أمير المؤمنين (ع) انّه قرء : الله نوّر السّماوات والأرض على صيغة الماضي من التّفعيل سواء أريد من النّور النّور المحسوس العرضىّ أو الوجود ، أو الهدى وصحّ ان يقال : انّ الله مبيّن السّماوات والأرض ومخرجهما من خفاء العدم الى الوجود ، وصحّ ان يقال : انّ الله وجود السّماوات والأرض سواء أريد منه وجود وجودهما على ان يراد من السّماوات والأرض الموجودان منهما واعتبر قيد الحيثيّة في اضافة النّور إليهما أو أريد منه نفس وجودهما ، فانّ الله باعتبار مقام ظهوره الّذى هو المشيّة قوام وجودات الأشياء وفاعلها وروحها بوجه ونفس وجودات الأشياء بوجه كما انّ الفصول فاعل وجودات الأجناس وقوامها بوجه أخذها بشرط لا ، ونفس وجوداتها بوجه أخذها لا بشرط ، فانّ فعل الحقّ الّذى هو المشيّة هو صورة الأشياء وقوامها وفاعلها ، وصحّ ان يقال انّ الله بحسب مظهره الّذى هو العقل الكلّىّ أو الرّوح الكلّىّ الّذى هو ربّ النّوع الانسانىّ نور السّماوات والأرض بالوجوه المذكورة أو بحسب مظهره الّذى هو النّفس الكلّيّة أو بحسب مظهره الّذى هو عالم المثال نور السّماوات والأرض أو بحسب