تسع ذلك الزمان ، فيكون زمان الحركة في هذا الملاء الرقيق ساعة ونصف عشر تسع ساعات ، فلا يلزم من هذا أن تكون الحركة في الملاء أسرع من الخلاء (١).
اعترض أفضل المحققين : بأنّ الحركة لا تخلو من حدّ ما من السرعة والبطء ، لأنّ كلّ حركة إنّما تقع في شيء ما يتحرّك المتحرّك فيه ، مسافة كان أو غيرها ، وفي زمان ما ، وقد يمكن أن يتوهم قطع تلك المسافة بزمان أقلّ من ذلك الزمان فتكون الحركة أسرع من الأوّل ، أو أكثر فتكون أبطأ منها ، فإذن الحركة لا تنفك عن حدّ ما من السرعة والبطء ، والمراد منهما شيء واحد بالذات هو كيفية قابلة للشدة والضعف ، وإنّما يختلفان بالإضافة العارضة لها. فما هو سرعة بالقياس إلى شيء هو بعينه البطء بالقياس إلى آخر ، والحركة لا بدّ لها من ثلاثة أشياء : مسافة وزمان وحدّ معين من السرعة والبطء. فإذا اتفق واحد من الثلاثة واختلف الباقيان ، فقد يعرض بين المختلفين تناسب ما ، فإنّ المتحرك بالحدّ الواحد من السرعة ، والبطء يقطع مسافة طويلة في زمان طويل وقصيرة في قصير. فنسبة المسافة إلى المسافة كنسبة الزمان إلى الزمان على التساوي ، والمتحرك في المسافة الواحدة يقطعها بحدّ أسرع في زمان أقصر ، وبحد أبطأ في زمان أطول ، فنسبة السرعة إلى البطء كنسبة الزمان القصير إلى الزمان الطويل.
والمتحرك في الزمان الواحد يقطع بحد أسرع مسافة أطول ، وبحد أبطأ مسافة أقصر ، فنسبة السرعة إلى البطء كنسبة المسافة الطويلة إلى القصيرة ، فالطول في المسافة ، والقصر في الزمان بإزاء السرعة ، ومقابلهما بإزاء البطء.
والحركة بنفسها لا يمكن أن تستدعي قدرا من الزمان والمسافة ، وبسبب السرعة والبطء تستدعي شيئا آخر ، لأنّ الحركة لا يمكن وجودها إلّا على حدّ من السرعة والبطء ، إذ لو وجدت منفكة عنهما في زمان كانت بحيث إذا فرض وقوع
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية ١ : ٣٤٥ ـ ٣٤٦.