البحث الرابع : في خواص الواجب لذاته وهي عشرة (١)
الأولى : لا يمكن أن يكون الشيء الواحد واجبا لذاته ولغيره معا ، لأنّ كلّ ما بالغير فإنّه يرتفع بارتفاع ذلك الغير ، وما بالذات لا يرتفع بارتفاع الغير ، فلو كان الواحد واجبا لذاته ولغيره معا ، لزم ارتفاعه عند ارتفاع ذلك الغير (٢) بالنظر إلى كونه واجبا بغيره ، وعدم ارتفاعه عند ارتفاع ذلك الغير بالنظر إلى كونه واجبا لذاته ، فيجتمع فيه النقيضان.
ولأنّ الواجب بذاته مستغن عن الغير ، إذ معنى الوجوب «استحقاق الوجود لذاته ، أو عدم توقّفه على الغير» (٣) ، والواجب بغيره مفتقر إلى ذلك الغير ، لاستحالة وجود المعلول بدون علّته ، والجمع بين الحاجة في الوجود والاستغناء فيه محال ، وهذا حكم غني عن البرهان (٤).
الثانية : الواجب لذاته بسيط ، لا يتركّب عن غيره ، وإلّا لكان ممكنا ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّ كلّ مركب مفتقر إلى أجزائه ، والأجزاء مغايرة له ، فيكون مفتقرا إلى غيره ، وكلّ مفتقر ممكن ، وأمّا بطلان التالي ، فلامتناع اجتماع النقيضين.
__________________
(١) راجع الفصل السادس من المقالة الأولى من إلهيات الشفاء وشرحي الاشارات ، النمط الرابع في الوجود : ٢٠٩ ؛ المحصل ونقده للطوسي : ٩٦ ؛ تجريد الاعتقاد مع شرح المصنف «رحمهالله» عليه : ٦١ ـ ٦٢ ؛ المواقف : ٧٠. وهذا البحث قسم من مباحث الإلهيات بالمعنى الأخص.
(٢) عبارة «وما بالذات» إلى «ذلك الغير» ساقطة سهوا في نسخة : ق.
(٣) الترديد ب «أو» إشارة إلى اختلاف الاعتبار في معنى الواجب ، كما مرّ في البحث الأوّل من هذا الفصل.
(٤) راجع : النجاة ، قسم الإلهيات : ٢٢٥.