وهذا أيضا وهمي لا حقيقي ، لكن الشيخ سلك نهجا آخر (١) ألزم فيه القائلين بثبوت الجزء إثبات الدائرة ، وهو أنّه لا شكّ أنّ هنا دائرة محسوسة ، فإن كانت حقيقية فالمطلوب ، وإن لم يكن في الحقيقة كذلك فإنّما يكون بسبب تضريس على بسيطها وتقعير و (٢) لا يكون لها مركز في الحقيقة ، بل في الحس.
فنقول : إذا وضعنا طرف خط ـ مركب من أجزاء لا تتجزأ ـ على ما هو مركز في الحس ، ووضعنا الطرف الآخر من ذلك الخط على جزء من المحيط ، ثمّ نزيله عنه ونضعه على الجزء الذي يلاصق الجزء الأوّل من المحيط ، فإن لم ينطبق عليه ، فذلك يكون إمّا بزيادة أو نقصان ، فإن كانت الزيادة والنقصان بمقدار جزء ، أمكن إلحاقه به أو حذفه عنه حتى تتم الدائرة. وإن كان أقل من جزء لزم انقسام الجزء. وإن انطبق عليه ، فإن كان بين هذا الجزء والجزء الأوّل فرجة ، فإن لم تتسع للجزء فقد وجد ما هو أصغر من الجزء ، وذلك يوجب التجزئة ، وإن اتّسعت ملئت به. وإن لم تكن بينهما فرجة ، فقد وجد في المحيط جزءان متصلان لا انفراج بينهما ، ويكون الخط الخارج مما فرض مركزا ممكن الانطباق عليهما. وإذا أمكن في جزءين نقلنا البحث منه إلى ثالث ورابع ، وهكذا حتى يأتي على جميع أجزاء الدائرة.
واعلم أنّ هذا مبني على إمكان ثبات الطرف من الخط الذي عند المركز وهو ممنوع.
المسألة الخامسة : في أنّ المستقيم يخالف المستدير بالنوع (٣)
إنّه من المعلوم أنّ بين الخط المستقيم والخط المستدير مخالفة ، ولا شك في أنّ
__________________
(١) في الفصل التاسع من المقالة الثالثة من إلهيات الشفاء. راجع أيضا إلهيات النجاة (فصل في الاستطراد لإثبات الدائرة).
(٢) في النسخ : «أو» ، ولعلّ الصواب ما أثبتناه طبقا للمعنى.
(٣) قارن المباحث المشرقية ١ : ٥٤٢ ـ ٥٤٣.