البحث العاشر : في المسائل المتعلّقة بما لا يتناهى
وهي عشرة :
المسألة الأولى : في الوجوه التي يقال عليها اللانهاية (١)
إنّ ذلك تارة يقال بحسب الحقيقة ، وأخرى بحسب المجاز.
والأوّل : قد يقال على وجه السلب ، وقد يقال على وجه العدول.
والأوّل (٢) يصدق تارة بسلب الشيء الذي لأجله يصحّ أن يوصف الشيء بالنهاية كما نقول : الله تعالى لا نهاية له ، والنقطة لا نهاية لها ، حيث سلبنا عنهما المعنى المصحّح لدخول التناهي فيه وهو الكم ، وتارة يصدق على وجه العدول الذي نذكره ؛ لأنّ السالبة أعمّ من المعدولة.
والثاني (٣) أن يكون المعنى المصحّح لوصف الشيء بالنهاية حاصلا له ، لكن النهاية لا تكون حاصلة وهو على وجهين :
أ : أن يكون الشيء بحيث إذا أخذ منه أي شيء كان وجد شيء خارج عنه من غير حاجة إلى العود كقولنا الأجسام غير متناهية في العظم.
ب : أن يكون محدودا بمحيطه ، وليس في ذلك المحيط نقطة بالفعل ، كما في سطح الدائرة ، فيقال : إنّها غير متناهية لا بالمعنى الأوّل.
__________________
(١) راجع الفصل التاسع من المقالة الثالثة من الفن الأوّل ، من طبيعيات الشفاء. والمباحث المشرقية ١ : ٢٩٧ ـ ٢٩٨.
(٢) أي ما يقال على وجه السلب.
(٣) أي ما يقال على وجه العدول.