البحث الثامن :
في المسائل المتفرّعة على وجود الكم عند الأوائل وهي خمسة :
المسألة الأولى : في أنّ الكم لا ضد له (١)
هذه المسألة ساقطة عندنا ، لأنّ الكم قد بيّنا أنّه ليس ثابتا في الأعيان ، وإنّما نبحث فيها على رأي القدماء ، قالوا : الكم لا ضد له ، أمّا المنفصل فلوجوه (٢) :
أ : كلّ عدد يفرض فإنّه مقوّم لما هو أكثر منه ، ومتقوّم بما هو أقل منه ، ولا شيء من الضدين بمقوّم لصاحبه ولا متقوّم به ، فلا شيء من الأعداد بمتضادة.
ب : يشترط في الضدين غاية التباعد ، ولا شيء من العدد أقل من الاثنين (٣) ، ولا ضد له من الأعداد ، لأنّ كلّ عدد يفرض ضدا له فهناك عدد فوقه بعده من الاثنين أكثر من هذا العدد ، لعدم تناهي الأعداد ، وإذا لم يكن هناك عدد يضاد الاثنين ، فلا يكون الاثنان ضدا لشيء (٤) البتة ، لأنّ التضاد إنّما يتحقّق من الجانبين.
ج : يشترط في الضدين وحدة الموضوع ، ويستحيل أن يكون لنوعين من العدد موضوع واحد ، فإنّ كلّ عدد إنّما يتقوّم بمجموع وحدات يبلغ عددها ذلك العدد ، فالثلاثة تتقوم صورتها عند اجتماع وحدة ووحدة ووحدة ، وما دامت هذه الوحدات موجودة استحال عروض الثنائية لها ، بل الموضوع لا بدّ وأن يعرض له ،
__________________
(١) راجع منطق أرسطو ١ : ٤٥ ـ ٤٧ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٢٩٤ ـ ٢٩٦ ؛ الأسفار ٤ : ١٨ ـ ٢٠.
(٢) راجع الفصل الخامس من المقالة الثالثة من إلهيات الشفاء.
(٣) ق : «مما لاثنين».
(٤) س : «للشيء».