وبيان الشرطية : أنّ الحركة في المسافة المملوءة بالعائق مختلفة باختلاف ذلك العائق في الرقة والغلظ وسهولة القطع وصعوبته. والمشاهدة تقتضي ذلك ، فإنّا نعلم قطعا أنّ المسافة إذا كانت مشغولة بالمعاوق الثخين ، فإنّ الحركة فيه تكون في زمان أطول من زمان الحركة لو كان العائق رقيقا. فنسبة رقة العائق إلى غلظه ، كنسبة قصر زمان الحركة في الرقيق إلى زمانها في الغليظ ، فكلما كان العائق أرق كان الزمان أقصر والحركة أسرع ، وكلما كان أغلظ كان الزمان أطول والحركة أبطأ. فسرعة الحركة وقصر الزمان في مقابلة الرقة ، وبطؤها وطول الزمان في مقابلة الغلظ.
إذا تقرر هذا فنقول : لنفرض متحركا تحرك مسافة معينة بقوّة معينة ذات ملاء أغلظ في عشر ساعات مثلا ، وتحركها بعينها بتلك القوة في خلاء في ساعة واحدة ، وتحركها بعينها بتلك القوّة في ملاء أرق من الأوّل ، ولنفرض رقته أزيد من رقة الأوّل عشرين مرة ، بحيث يكون فيه من المقاومة والمعاوقة نصف عشر مقاومة الأوّل ومعاوقته ، فيلزم أن تتحرك تلك المسافة في نصف عشر زمان حركة الملاء الأوّل ، فتقع حركته في جميع المسافة بتلك القوّة في نصف ساعة ، مع أنّه تحرك تلك المسافة في الخلاء ساعة ، فتكون الحركة مع العائق الرقيق أسرع منها مع الخلاء الذي هو عديم (١) المعاوقة.
الوجه الخامس : الحجر إذا رمي إلى فوق قسرا فإنّه يصعد بقوة ـ مودعة فيه ـ قسرية مستفادة من القاسر على ما يأتي.
فنقول : لو وقعت تلك الحركة في الخلاء لزم أن ينتهي الحجر بتلك القوة إلى مقعر الفلك ، ولا يهبط الحجر قبله ، لأنّ تلك القوة باقية ، وما دامت باقية فإنّها تحرّك الحجر إلى فوق ، لأنّ تلك القوة لا تعدم لذاتها ، وإلّا لما وجدت. ولا لطبيعة
__________________
(١) ق وس : «عدم».