أخبر رسول الله عن جبرائيل وأخبر جبرائيل عن الله ، فكيف تخالف هؤلاء! اما والله لقد عرفت الموضع الّذي أصلب فيه أين هو من الكوفة؟ وإنّى لأوّل خلق الله ألجم فى الإسلام بلجام ، كما يلجم الخيل. فحبسه وحبس معه المختار بن أبى عبيدة الثقفى ، فقال ميثم للمختار وهما فى حبس ابن زياد : انّك تفلت وتخرج ثائرا بدم الحسين عليهالسلام ، فتقتل هذا الجبّار الذي نحن فى سجنه ، وتطأ بقدمك هذا على جبهته وخدّيه.
فلمّا دعا عبيد الله بن زياد بالمختار ليقتله طلع البريد بكتاب يزيد بن معاوية الى عبيد الله بن زياد ، يأمره بتخلية سبيله ، وذاك أن أخته كانت تحت عبد الله بن عمر ابن الخطّاب ، فسألت بعلها أن يشفع فيه الى يزيد فشفع ، فأمضى شفاعته ، وكتب بتخلية سبيل المختار على البريد ، فوافى البريد ، وقد أخرج ليضرب عنقه ، فانطلق.
أمّا ميثم فأخرج بعده ليصلب ، وقال عبيد الله : لأمضينّ حكم أبى تراب فيه ، فلقيه رجل ، فقال له : ما كان أغناك عن هذا يا ميثم؟ فتبسّم ، وقال : لها خلقت ، ولى غذيت ، فلمّا رفع على الخشبة اجتمع الناس حوله على باب عمر وبن حريث ، فقال عمرو : لقد كان يقول لى : إنّى مجاورك ، فكان يأمر جاريته كلّ عشية أن تكنس تحت خشبته وترشّه ، وتجمّر بالمجمر تحته ، فجعل ميثم يحدّث بفضائل بنى هاشم ، ومخازى بنى اميّة ، وهو مصلوب على الخشبة.
فقيل لابن زياد قد فضحكم هذا العبد ، فقال : ألجموه ، فألجم فكان أوّل خلق الله ألجم فى الإسلام ، فلمّا كان فى اليوم الثانى فاضت منخراه وفمه دما ، فلمّا كان فى اليوم الثالث طعن بحربة فمات. وكان قتل ميثم قبل قدوم الحسين عليهالسلام العراق بعشرة أيّام (١)
__________________
(١) شرح النهج : ٢ / ٢٩٢.