أبو الدّرداء ، صاحبا رسول الله صلىاللهعليهوآله؟
فلمّا قدم عبد الله بن سلام الشام ، أمر معاوية أن ينزل منزلا قد هيئ له ، وأعدّ له فيه نزله ، ثم قال لأبى هريرة وصاحبه : إن الله قسم بين عباده قسما ، ووهبهم نعما أوجب عليهم شكرها ، وحتم عليهم حفظها ، وأمرهم برعاية حقّها ، وسلطان طريقها ، بجميل النظر ، وحسن التفقد لمن طوقهم الله أمره ، كما فوّضه إليهم ، حتّى يؤدّوا إلى الله الحقّ فيهم كما أوجبه عليهم ، فحيانى منها عزوجل بأعزّ الشرف ، وسمو السلف ، وأفضل الذكر ، وأغدق اليسير ، وأوسع علىّ فى رزقه ، وجعلنى راعى خلقه ، وأمينه فى بلاده ، والحاكم فى أمر عباده ، ليبلونى أأشكر آلاءه أم أكفرها.
فإياه أسأله أداء شكره ، وبلوغ ما أرجو بلوغه ، من عظيم أجره ، وأوّل ما ينبغى للمرء أن يتفقده وينظر فيه ، فيمن استرعاه الله أمره من أهله ومن لا غنى به عنه ، وقد بلغت لى ابنة أردت إنكاحها ، والنظر فيمن يريد أن يباعلها ، لعلّ من يكون بعدى يهتدى منه بهديي ، ويتبع فيه أثرى ، فإنى قد تخوفت أن يدعو من يلى هذا الأمر من بعدى زهوة السلطان وسرفه إلى عضل نسائهم ، ولا يرون لهنّ فيمن ملكوا أمره كفوا ولا نظيرا ، وقد رضيت لها عبد الله بن سلام لدينه وفضله ومروءته وأدبه.
فقال أبو هريرة وأبو الدرداء إن أولى الناس برعاية أنعم الله وشكرها ، وطلب مرضاته فيها فيما خصّه به منها ، أنت صاحب رسول الله وكاتبه فقال معاوية : اذكروا له ذلك عنّى ، وقد كنت جعلت لها فى نفسها شورى ، غير أنى أرجو أنّها لا تخرج من رايى إن شاء الله ، فلما خرجا من عنده متوجّهين إلى منزل عبد الله بن سلام بالذى قال لهما ، قال : ودخل معاوية إلى ابنته ، فقال لها : إذا دخل عليك أبو هريرة وأبو الدرداء فعرضا عليك أمر عبد الله بن سلام ، وإنكاحى إياك منه ، ودعواك إلى مباعلته ، وحضاك على ملاءمة رأيى ، والمسارعة إلى هواى.