وأمّا العقل القطعي ، فالمستقلّ (١) منه حكمه بوجوب شكر المنعم (*) بعد معرفة أنّهم أولياء النّعم ، والغير المستقلّ حكمه بأنّ الأبوّة إذا اقتضت وجوب إطاعة
______________________________________________________
(١) المراد بالعقل المستقلّ هو حكمه مع الغضّ عن حكم الشرع. بخلاف العقل غير المستقلّ ، فإنّه تابع لحكم الشرع ، فإنّ وجوب إطاعة الأب شرعا على الابن اقتضى وجوب إطاعة الإمام عليهالسلام على الرّعيّة بالأولوية.
وتقريب حكم العقل المستقل بإطاعتهم والانقياد لهم هو : أنّه لا ريب في كون ذواتهم المقدّسة وسائط الفيض الإلهي ، فهم أولياء النعم ، كما لا ريب في أنّهم عليهمالسلام أمناء الله على حلاله وحرامه. والعقل مستقلّ بلزوم شكر المنعم ، ولا يتحقق إلّا بإطاعتهم والتسليم لهم ، هذا.
__________________
الروايات لقضاتنا ، دون الولاية المطلقة. فهذه الروايات لا تدلّ إلّا على إعطاء هذين المنصبين للفقيه ، ولا تدلّ على ولاية الإمام عليهالسلام كما هو مقصود المصنف قدسسره فضلا عن ولاية الفقيه ، فتدبّر.
(*) لم يظهر معنى لكون ولايتهم «صلوات الله عليهم» ـ بمعنى نفوذ تصرفاتهم ـ مصداقا للشكر الواجب عقلا على المكلف ، بل مصداقه أعني فعل المكلف هو إطاعته لهم عليهمالسلام ، لا فعلهم وهو تصرفهم عليهمالسلام.
إلّا أن يقال : إنّ الشكر الواجب عقلا على المكلف هو تنفيذ تصرفاتهم عليهمالسلام ، وعدمه كفران النعمة القبيح عقلا.
مضافا إلى : أنّه إن أريد بالشكر الواجب عقلا إطاعة المنعم بما هو منعم اختصّ ذلك بإطاعة الأوامر والنواهي الإلزامية التكليفية ، لأنّ في ترك إطاعتها خطر العقاب ، ومن المعلوم أنّ همّ العقل تحصيل المؤمّن منه. ولا يشمل حينئذ الوضعيات ، كالعقود والإيقاعات الصادرة منهم عليهمالسلام في أموال الناس وغيرها ، فإنّ نفوذها خارج عن حكم العقل بلزوم الإطاعة.