وقد تبيّن ممّا ذكرنا (١) أنّ الثمن حكمه حكم الوقف في كونه ملكا لجميع البطون على ترتيبهم (٢). فإن كان ممّا يمكن أن يبقى وينتفع به البطون على نحو المبدل ، وكانت مصلحة البطون في بقائه (٣) أبقى (٤).
______________________________________________________
(١) من أنّ مقتضى المعاوضة ثبوت ما للوقف ـ من الاختصاص الفعلي بالموجود والشأني بالمعدوم ـ للثمن ، فيكون ملكا فعليا للبطن الموجود وشأنيا للمعدومين.
وغرضه قدسسره من هذا الكلام التعرض لجهة أخرى ممّا يتعلّق بثمن الوقف على تقدير البيع ، وبيانه : أنّ البدل حيث كان مشتركا بين جميع البطون ، فلا يخلو من صورتين :
الاولى : أن يكون ممّا يبقى وينتفع به الطبقات ، فيجب إبقاؤه كما وجب إبقاء المبدل قبل طروء المسوّغ ، كما إذا أوقف دارا على علماء بلد لسكناهم ، فخربت ، وارتفعت قيمة العرصة ـ لقربها من الشارع العام مثلا ـ فأبدلت بدار أخرى ، فإنّه يجب إبقاء هذا البدل لينتفع الموقوف عليهم بسكناها ، لوفائها بالغرض المقصود من الوقف ، واقتضاء مصلحة البطون بقاءها.
الثانية : أن يباع الوقف الخراب بعوض لا يقتضي البقاء مدّة مديدة كي ينتفع به الطبقات اللاحقة ، وإنما ينتفع به البطن البائع خاصة ، كما إذا بيعت الدار الخربة بمنفعة خان عشر سنين ، لانتفاء الثمن بانقضاء زمان تملك المنفعة ، فلا يبقى ، فإنّه يجب تبديل هذه المنافع بما يستعدّ البقاء كدار صغيرة.
وكذا لو كان الثمن ممّا يبقى ، ولكن لم تكن مصلحة البطون المعدومة في خصوص هذا الثمن ، كما لو بيعت الدار الموقوفة الخربة بالسجّاد القابل للبقاء مدّة مديدة ، إلّا أنّ مصلحة البطون المعدومة تكون في تبديلها خوفا من السرقة والضياع. ففي مثله لزم تبديل الثمن بما هو أصلح ، رعاية لمقصود الواقف.
(٢) لاقتضاء حقيقة المعاوضة ذلك كما تقدم مفصّلا.
(٣) هذا الضمير وضمير «به» والمستتر في «كان» راجعة إلى الثمن.
(٤) فوجوب إبقاء الثمن منوط بأمرين : أحدهما : قابليته للبقاء إلى زمان الطبقات المتأخرة.
وثانيهما : اقتضاء مصلحتهم بقاء هذا الثمن بشخصه ، وهذا إشارة إلى الصورة الأولى المتقدمة.