معنى الكلام على ذلك حمل عليه في العطف (١).
قال الزمخشري : ووجهه أنه لو قيل : «إذ أعناقهم في الأغلال مكان قوله : (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) لكان صحيحا مستقيما ، فلما كانتا عبارتين معتقبتين (٢) ، حمل قوله : «والسلاسل» (عليه) على العبارة الأخرى (٣). ونظيره :
٤٣٤٧ ـ مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة |
|
ولا ناعب إلّا ببين غرابها (٤) |
كأنه قيل : بمصلحين.
وقرىء : بالسّلاسل (٥). وقال ابن عطية : تقديره : إذا أعناقهم في الأغلال والسلاسل فعطف على المراد من الكلام لا على ترتيب اللفظ ؛ إذ ترتيبه فيه قلب ، وهو على حد قول العرب: أدخلت القلنسوة في رأسي (٦).
وفي مصحف أبيّ : وفي السلاسل يسحبونها. قال أبو حيان بعد قول ابن عطية والزمخشري المتقدم : ويسمى هذا العطف على التوهم ، إلا أن قولهم : إدخال حرف الجر على مصلحين أقرب من تغيير تركيب الجملة بأسرها ، والقراءة من تغيير تركيب الجملة السابقة بأسرها (٧) ، ونظير ذلك قوله :
٤٣٤٨ ـ أجدّك لن ترى بثعيلبات |
|
ولا بيداء ناجية ذمولا |
ولا متدارك واللّيل طفل |
|
ببعض نواشغ الوادي حصولا (٨) |
التقدير : لست براء ولا بمتدارك.
__________________
(١) وهو ما يسمى بالعطف على المعنى مع القرآن تأدبا ومع غيره بالعطف على التوهم.
(٢) في الكشاف متعقبتين.
(٣) الكشاف ٣ / ٤٣٦.
(٤) من الأبيات المشهورة في شواهد النحو وهو من الطويل ، ونسبه سيبويه في الكتاب إلى الأحوص الرّياحيّ مرة ، وإلى الفرزدق مرة أخرى ، وشاهده : عطف ولا ناعب ـ بالجر ـ على توهم دخول الباء في خبر ليس كأنه قيل : بمصلحين ، والباء تدخل في خب ر «ليس وما» كثيرا ، وهو ما يسمى بالعطف على التوهم. وانظر الكتاب ١ / ١٦٥ ، ٣٠٦ ، ٣ / ٢٩ ، والخصائص ٢ / ٣٥٤ ، والإنصاف ١٩٣ ، ٣٩٥ ، وابن يعيش ٧ / ٥٧ ، ٨ / ٦٩ والرضي على الكافية ٢ / ٢٦٩ ، والخزانة ٢ / ١٥٨ ، والكشاف ٣ / ٤٣٦ ، والمغني ٥٥٣ والأشموني ٢ / ٢٣٥ ، والبحر المحيط ٧ / ٤٧٥ ، والإفصاح ١٥٩ ، والدر المصون ٤ / ٧٠٨.
(٥) هي قراءة شاذة لم ينسبها جار الله الزمخشري وكذلك السمين إلى من قرأ بها. انظر الكشاف ٣ / ٤٣٦ ، والدر المصون ٤ / ٧٠٨.
(٦) البحر المحيط ٧ / ٤٧٥ وهو رأي وجيه.
(٧) وأبو حيان في هذا يرد على ابن عطية مفضلا إطلاق عطف التوهم في القرآن عن قلب الكلام كما قال ابن عطية بذلك.
(٨) من تمام الوافر ، للمرّار الفقعسي ، وقد تقدم.