بشروط (١) ذكروها ثم يقولون : ويجوز جره بلام فقولهم : ويجوز ظاهر في أنه فرع لا أصل. قال الزجاج ـ (رحمهالله (٢)) ـ : الأجوز أن يكون «وبشرى» في موضع رفع أي وهو بشرى. قال : و (لا) (٣) يجوز أن يكون في موضع نصب على معنى لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين (٤). وقوله للمحسنين متعلق ببشرى ، أو بمحذوف على أنّه صفة لها.
فصل
المراد بالذين ظلموا مشركو مكة ، والحاصل أن المقصود من إنزال هذا الكتاب إنذار المعرضين وبشارة المطيعين.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)(١٤)
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) لما قرر دلائل التوحيد والنّبوة وذكر شبهات المنكرين وأجاب عنها ، ذكر بعد ذلك طريقة المحققين فقال : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) وقد تقدم تفسيره في سورة السجدة. والفرق بين الموضعين أن في سورة السجدة ذكر أن الملائكة ينزلون ويقولون : لا تخافوا ولا تحزنوا ، وههنا رفع الواسطة وذكر أنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ؛ فإذا جمعنا بين الآيتين حصل من مجموعهما أن الملائكة يتلقونهم بالبشارة من غير واسطة.
قوله : (فَلا خَوْفٌ) الفاء زائدة في خبر الموصول ، لما فيه من معنى الشرط. ولم تمنع «إنّ» من ذلك إبقاء معنى الابتداء بخلاف ليت ، ولعلّ ، وكأنّ.
قوله تعالى : (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ) قالت المعتزلة هذه الآية تدل على مسائل :
أولها : أن قوله : (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها) يفيد الحصر وأن أصحاب الجنة ليسوا إلا الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا وهذا يدل على أن صاحب الكبيرة قبل التوبة لا يدخل الجنة.
وثانيها : قوله (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) يدل على فساد قول من يقول : الثواب فضل لا جزاء.
__________________
(١) هذه الشروط أن يكون مصدرا خلافا ليونس ، معللا ، قيل : ومن أفعال الباطن وقد شرط المتأخرون والأعلم ، مشاركته لفعله وقتا وفاعلا ، كما شرط المبرد والرياشي تنكيره فإن فقد أي شرط من الشروط السابقة جرّ باللام ، أو من ، أو الباء ، قيل : أو في ، وهناك المزيد في همع السيوطي وغيره بتصرف من الهمع ١ / ١٩٤.
(٢) زيادة من أالأصل.
(٣) زيادة من النسختين ففي معاني القرآن له : «ويجوز أن يكون ... ويبشّر المحسنين بشرى». معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤٤١.
(٤) ذكره العلامة الإمام الفخر الرازي ٢٨ / ١٢ و ١٣.