فصل (١)
القيل مصدر ، كالقول ، ومنه الحديث : «أنه نهى عن قيل وقال». وحكى اللّيث عن العرب تقول : كثر فيه القيل والقال. وروى شمر عن أبي زيد يقال : ما أحسن قيلك ، وقولك ، ومقالتك ، ومقالك (٢). والضمير في «وقيله» لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمعنى يعلم قول محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ شاكيا إلى ربه ، يا ربّ إن هؤلاء قوم لا يؤمنون لما عرف إصرارهم ، وهذا قريب مما حكى الله عن نوح ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال : (رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) [نوح : ٢١] ثم قال : (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ) أي أعرض عنهم (٣) ، (وَقُلْ سَلامٌ) قال سيبويه : معناه المتاركة ، كقوله تعالى : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) [القصص : ٥٥] ثم قال : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) والمراد به التهديد (٤).
قوله : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) قرأ نافع وابن عامر بتاء الخطاب التفاتا ، والباقون بياء الغيبة نظرا لما تقدّم (٥).
فصل
قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما (٦) ـ) قوله : (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ) منسوخ (بآية) (٧) السّيف (٨).
قال ابن الخطيب : وعندي التزام النسخ في مثل هذه المواضع مشكل ؛ لأن الأمر لا يفيد الفعل إلا مرة واحدة فسقطت دلالة اللفظ ، فأيّ حاجة إلى التزام النسخ ، وأيضا فاللفظ المطلق قد يقيّد بحسب العرف ، وإذا كان كذلك ، فلا حاجة فيه إلى التزام النسخ. والله أعلم بالصواب(٩).
روى أبو أمامة عن أبيّ بن كعب ـ (رضي الله عنهم (١٠) ـ) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة الزّخرف كان ممّن يقال له يوم القيامة : «يا عبادي (لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) ادخلوا الجنّة بغير حساب» (١١). (انتهى) (١٢).
__________________
(١) هذا الفصل كله ساقط من نسخة ب.
(٢) انظر اللسان قول ٣٧٧٩.
(٣) قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ٤٠١.
(٤) نقله الرازي عن سيبويه في تفسيره ٢٧ / ٢٣٤ ولم أستطع العثور عليه في الكتاب لسيبويه.
(٥) من القراءة المتواترة انظر السبعة لابن مجاهد ٥٨٩ ، والإتحاف ٣٨٧.
(٦) زيادة من أ.
(٧) زيادة من ب.
(٨) وهو نفس قول قتادة فيما نقله القرطبي ١٦ / ١٢٤.
(٩) بالمعنى من تفسيره التفسير الكبير ٢٧ / ٢٣٥.
(١٠) زيادة من أ.
(١١) الكشاف ٣ / ٤٩٩ ومجمع البيان ٩ / ٥٩ ، والسراج المنير ٣ / ٥٧٨ ، والبيضاويّ ٢ / ٢٠٤.
(١٢) زيادة من ب.