«صدّوكم» (١) وقيل : نصب على المعية. وفيه ضعف ، لإمكان العطف (٢). وقرأ أبو عمرو ـ في رواية ـ بجره عطفا على (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(٣). ولا بد من حذف مضاف ، أي وعن نحر الهدي (٤) ، وقرىء برفعه على أنه مرفوع بفعل مقدر لم يسم فاعله أي وصدّ الهدي (٥).
والعامة على فتح الهاء وسكون الدال ، وروي عن أبي عمرو وعاصم وغيرهما كسر الدال وتشديد الياء (٦). وحكى ابن خالويه ثلاث لغات الهدي وهي الشهيرة لغة قريش ، والهديّ والهدا(٧).
قوله : «معكوفا» حال من الهدى أي محبوسا ، يقال : عكفت الرّجل عن حاجته. وأنكر الفارسي تعدية «عكف» بنفسه (٨) ، وأثبتها ابن سيده والأزهريّ وغيرهما (٩). وهو ظاهر القرآن لبناء اسم مفعول منه.
قوله : (أَنْ يَبْلُغَ) فيه أوجه :
أحدها : أنه على إسقاط الخافض ، أي «عن» أو «من أن» وحينئذ يجوز في هذا الجار المقدر أن يتعلق ب «صدّوكم» وأن يتعلق ب «معكوفا» أي محبوسا عن بلوغ محلّه.
الثاني : أنه مفعول من أجله ، وحينئذ يجوز أن يكون علة للصد ، والتقدير : صدوا الهدي
كراهة أن يبلغ محله وأن يكون علة ل «معكوفا» أي لأجل أن يبلغ محله ، ويكون الحبس من المسلمين (١٠).
الثالث : أنه بدل من «الهدي» بدل اشتمال أي صدوا بلوغ الهدي محله.
فصل (١١)
معنى الآية (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعني كفار مكة «وصدّوكم» منعوكم (عَنِ الْمَسْجِدِ
__________________
(١) وهو اختيار الرازي في مرجعه السابق ومن قبل الزمخشري في الكشاف ٣ / ٥٤٧.
(٢) المحض وهو ما جوزه ابن مالك ولكن الجمهور خصّوه بما صلح فيه بمعنى العطف ومعنى المفعول به فلا يجوز حيث لا يتصور معنى العطف لقيام الأدلة على أن واو «مع» عطف في الأصل ولا حيث تمحّض معنى العطف لأن دخول معنى المفعول به هو الذي سوّغ خروجه بما يقتضيه العطف من المشاكلة التي تؤثرها العرب على غيرها وسواء صلح فيه العطف حقيقة أو مجازا. انظر الهمع ١ / ٢١٩.
(٣) وهي قراءة الجهني عن أبي عمرو. وانظر البحر ٨ / ٩٨ والكشاف ٣ / ٥٤٧.
(٤) البحر المرجع السابق.
(٥) لم تنسب في كل من المرجعين السابقين.
(٦) لم ترو في المتواتر عنهما. انظر البحر ٨ / ٩٨ ومختصر ابن خالويه ١٤٢ و ١٤٣.
(٧) المرجع السابق.
(٨) قال : لأنا لا نعلم عكف جاء متعديا القرطبي ١٦ / ٢٨٤.
(٩) انظر التهذيب والمخصص عكف ومعاني الفراء ٣ / ٦٧.
(١٠) قال بالوجه الأول فقط الكشاف ٣ / ٤٧ ، وقال بالثلاثة الأوجه صاحب البحر المحيط ٨ / ٩٨.
(١١) ما بين القوسين كله سقط من نسخة (ب).