لغتان بمعنى واحد. وهما اسما فاعل كحذر وحاذر وأسن وآسن ؛ إلا أنه لم يستعمل لهما فعل مجرّد ، بل المستعمل ائتنف يأتنف ، واستأنف يستأنف والائتناف والاستئناف الابتداء. قال الزجاج : هو من استأنفت الشّيء أي (١) ابتدأته أي ما ذا قال في أول وقت يقرب منّا؟ (٢)
فصل
روى مقاتل ـ (رضي الله عنه) (٣) ـ أن النبي صلىاللهعليهوسلم ـ كان يخطب ويعيب المنافقين فإذا خرجوا من المسجد سألوا عبد الله بن مسعود استهزاءا ماذا قال محمد آنفا؟ ثم قال تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) فلم يؤمنوا واتّبعوا أهواءهم في الكفر والنفاق (٤).
قوله : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا) يجوز فيه الرفع بالابتداء والنّصب على الاشتغال و «تقواهم» مصدر مضاف لفاعله. والضمير في «وآتاهم» يعود على الله أو على (قول) (٥) المنافقين ؛ لأن قولهم ذلك مما يزيد المؤمنين تقوى. أو على الرسول والمعنى زادهم قول الرسول هدى وآتاهم (تقواهم أي (٦) وفقهم للعمل بما أمر به ، أو زادهم الله هدى وآتاهم الله تقواهم أو زادهم استهزاء المنافقين وآتاهم) قول المنافقين تقواهم أي ثواب تقواهم (٧) يوم القيامة.
قوله تعالى : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ (١٨) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ (١٩) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ (٢٠) طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (٢١) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ)(٢٢)
قوله : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) يعني الكافرين والمنافقين ، قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «ما ينتظر أحدكم إلّا غنى مطغيا ، أو فقرا منسيا ، أو مرضا
__________________
(١) في (ب) إذا. والتصحيح منها كما في المعاني.
(٢) معاني القرآن وإعرابه ٥ / ١٠.
(٣) زيادة من (أ).
(٤) وانظر القرطبي ١٦ / ٢٣٨ والكشاف ٣ / ٥٣٤.
(٥) زيادة من (أ).
(٦) ما بين القوسين كله زيادة من (أ) وسقط من (ب).
(٧) نقل القرطبي في الجامع ١٦ / ٢٣٩ والزمخشري في الكشاف ٣ / ٥٣٤ وأبو حيان في البحر ٨ / ٧٩ هذه الأقوال.