بإسكانها (١). وهي ثلاث لغات وتقدم تحقيقها في البقرة في قوله : (فِي ظُلُماتٍ)(٢). والحجرة فعلة بمعنى مفعولة كغرفة بمعنى مغروفة. قال البغوي : والحجرات جمع الحجرة فهي جمع الجمع (٣).
فصل
ذكروا في سبب النزول وجوها :
الأول : قال ابن عباس : بعث رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ سريّة إلى بني العنبر ، وأمر عليهم عيينة بن حصن الفزاريّ ، فلما علموا هربوا وتركوا عيالهم ، فسباهم عيينة ، وقدم (بهم (٤)) على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فجاء بعد ذلك رجالهم يفدون الذّراري فقدموا وقت الظهيرة ووافقوا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قائلا في أهله فلما رأتهم الذّراري أجهشوا إلى آبائهم يبكون وكان لكل امرأة من نساء رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حجرة فعجلوا أن يخرج إليهم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فجعلوا ينادون : يا محمد اخرج إلينا حتى أيقظوه من نومه فخرج إليهم ، فقالوا يا محمد : فادنا عيالنا ، فنزل جبريل (عليه الصلاة والسلام (٥)) فقال : إن الله يأمرك أن تجعل بينك وبينهم رجلا فقال لهم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أترضون أن يكون بيني وبينكم سبرة بن عمرو وهو على دينكم؟ فقالوا : نعم ؛ قال سبرة : أنا لا أحكم وعمي شاهد وهو الأعور بن بشامة ؛ فرضوا به فقال الأعور : أرى (أن (٦)) تفادي نصفهم وأعتق (٧) نصفهم. فأنزل الله : إنّ الّذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون وصفهم بالجهل وقلة العقل.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) لأنك كنت تعتقهم جميعا وتطلقهم بلا فداء (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). وقال قتادة : نزلت في ناس من أعراب بني تميم جاءوا إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فنادوا على الباب : اخرج إلينا يا محمد فإن مدحنا زين وذمّنا شين فخرج النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو يقول : إنما ذلكم الله الذي مدحه زين وذمّه شين ، فقالوا : نحن ناس من بني تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا نشاعرك ونفاخرك ، فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما بالشعر بعثت ، ولا بالفخر (٨) أمرت ، ولكن هاتوا فقام شاب منهم فذكر فضله وفضل
__________________
(١) شاذة ذكرها صاحب البحر ٨ / ١٠٨.
(٢) من الآية ١٧ منها : «وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ» فالفتح والاتباع بالضم أو الكسر لغة عامة العرب أما الإسكان فلغة تميم والضم لا يجيء مع اللام اليائية كدمية وكلية لثقل الضم قبل الياء فنقول دميات ودميات بفتح وإسكان فقط ، انظر التبيان «بتصرف» للشيخ كحيل ١٣٤.
(٣) الواقع أن كلاما محذوفا هنا من كلام البغوي فكلامه : «جمع الحجر» ، والحجر جمع الحجرة فهي جمع الجمع. انظر تفسيره ٦ / ٢٢٠.
(٤) سقط من ب.
(٥) زيادة من أ.
(٦) للسياق.
(٧) في ب وتعتق وهو الأقرب.
(٨) في ب بالفخار.