الثالث : أنه مبتدأ و «لهم» متعلق به ، واللام بمعنى الباء. و «طاعة» خبره والتقدير : أولى بهم طاعة دون غيرها (١).
وإن قلنا بقول الأصمعي فيكون فعلا ماضيا ، وفاعله مضمر يدل عليه السّياق ، كأنه قيل: فأولى هو أي الهلاك (٢). وهذا ظاهر عبارة الزمخشري حيث قال : ومعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه (٣). وقال ابن عطية : المشهور من استعمال العرب أنك تقول : هذا أولى بك من هذا ، أي أحق (٤). وقد تستعمل العرب (أَوْلى لَكَ) فقط على جهة الحذف والاختصار ؛ لما معها من القول فتقول : أولى لك يا فلان على جهة الزجر والوعيد. انتهى (٥).
وقال أبو البقاء : أولى مؤنثه أولاة (٦). وفيه نظر ؛ لأن ذلك إنما يكون في التذكير والتأنيث الحقيقيين ؛ أما التأنيث اللفظي فلا يقال فيه ذلك (٧). وسيأتي له مزيد بيان في القيامة (٨) إن شاء الله تعالى.
قوله : «طاعة» فيه وجهان :
أحدهما : أنه خبر «أولى» على ما تقدم.
الثاني : أنها صفة «لسورة» أي فإذا أنزلت سورة محكمة «طاعة» أي ذات طاعة أو مطاعة. ذكره مكي (٩) ، وأبو البقاء (١٠). وفيه بعد لكثرة الفواصل.
الثالث : أنها مبتدأ و «قول» عطف عليها والخبر محذوف تقديره : أمثل لكم من غيرهما(١١). وقدّر مكّيّ منّا (١٢) طاعة فقدّره مقدّما.
الرابع : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، أي أمرنا طاعة (١٣).
الخامس : أن لهم خبر مقدم وطاعة مبتدأ مؤخر (١٤). والوقف والابتداء يعرفان مما تقدم.
__________________
(١) التبيان والبحر السابقين.
(٢) ذكره أبو حيان في مرجعه السابق.
(٣) الكشاف ٣ / ٥٣٥ و ٥٣٦.
(٤) البحر المحيط السابق.
(٥) السابق.
(٦) التبيان ١٠٦٣.
(٧) فكلمة أولى كعطيّة تأنيث لفظي.
(٨) عند قوله تعالى : «أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى» الآيتان ٣٤ ، ٣٥ من القيامة.
(٩) مشكل إعراب القرآن له ٢ / ٣٠٨.
(١٠) التبيان ١١٦٣.
(١١) مشكل إعراب القرآن السابق ، والرازي ٢٨ / ٦٢ والكشاف ٣ / ٥٣٦.
(١٢) مشكل الإعراب السابق.
(١٣) التبيان السابق وأبو حيان في بحره ٨ / ٨١.
(١٤) نقله أبو حيان في بحره السابق عن قتادة ـ رضي الله عنه ـ.