وقيل : هو مشتق من الويل والأصل فيه أوئل. فقلبت العين إلى ما بعد اللام فصار وزنه أفلع (١). وإلى هذا نحا الجرجانيّ (٢) والأصل عدم القلب وأما معناها فقيل : هي تهديد ووعيد كقوله :
٤٤٧٦ ـ فأولى ثمّ أولى ثمّ أولى |
|
وهل للدّرّ يحلب من مردّ (٣) |
وقال المبرد : يقال لمن هم بالغضب (٤) : أولى لك كقول أعرابيّ كان يوالي رمي الصيد فيفلت منه فيقول : أولى لك. ثم رمى صيدا فقاربه فأفلت منه فقال ـ (رحمة الله عليه ورضاه)(٥) ـ :
٤٤٧٧ ـ فلو كان أولى يطعم القوم صدتهم |
|
ولكن أولى يترك القوم جوّعا (٦) |
هذا ما يتعلق باشتقاقه ومعناه.
وأما الإعراب فإن قلنا بقول الجمهور ففيه أوجه :
أحدها : أن «أولى» مبتدأ (و) (٧) «لهم» خبره تقديره : فالهلاك لهم. وسوغ الابتداء بالنكرة كونه دعاء نحو : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ) [الهمزة : ١].
الثاني : أنه خبر مبتدأ مضمر تقديره : العقاب أو الهلاك أولى لهم. أي أقرب وأدنى (٨). وقال ابن الخطيب : التقدير : فالموت أولى لهم ؛ لأنّ الموت سبق ذكره في قوله : «نظر المغشيّ عليه من الموت» ، وذلك أن الحياة في طاعة الله ورسوله خير منها (٩). ويجوز أن تكون اللام بمعنى الباء أي أولى وأحق بهم (١٠).
__________________
(١) ففيه قلب مكاني.
(٢) صاحب نظم القرآن وقد تقدم التعريف به. وانظر رأيه في القرطبي ١٦ / ٢٤٤.
(٣) من الوافر ومعناه واضح في الوعيد الواقع لا محالة. ولم أعرف قائله وكرر لفظ أولى للتأكيد فهو كقوله «أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى» أي ويل وهلاك فالوعيد واقع ومؤكد كالدرّ المحلوب لا يرد بعد الحلب إلى منبعه الأصلي.
والشاهد في كلمة أولى فمعناها الوعيد والتهديد وانظر القرطبي ١٦ / ٢٤٣ والبحر ٨ / ٧١ واللسان ولي ٤٩٢٤.
(٤) في القرطبي فيما نقله عنه : في العطب.
(٥) زيادة من (أ) وانظر الكامل ٤ / ٥١ للمبرد بالمعنى والقرطبي ١٦ / ٢٤٤ والبحر المحيط ٨ / ٧١.
(٦) لأحد الأعراب وهو من الطويل. وشاهده أن أولى في البيت لهذا حكاية وذلك أنه كان لا يحسن أن يرمي وأحب أن يمتدح عند أصحابه فقال أولى وضرب بيده على الأخرى وقال أولى فحكى ذلك.
وانظر اللسان ولي ٤٩٢٤ والقرطبي ١٦ / ٢٤٤ والبحر ٨ / ٧١ وفي البحر : صيدهم ولعله تحريف.
(٧) زيادة للسياق.
(٨) في (ب) أو أدنى وهذا الإعراب قال به أبو حيان عن قتادة في البحر ٨ / ٨٣.
(٩) الرازي ٢٨ / ٦٢.
(١٠) البحر المحيط المرجع السابق.