إما حرف (١) فلا يحتاج إلى عامل ، أو ظرف مكان (٢) ، أو ظرف زمان. فإن ذكر بعد الاسم الواقع بعدها خبر ، كانت منصوبة على الظرف والعامل فيها ذلك الخبر. نحو : خرجت فإذا زيد قائم تقديره : خرجت ففي المكان الذي خرجت فيه زيد قائم ، أو ففي الوقت الذي خرجت فيه زيد قائم.
وإن لم يذكر بعد الاسم خبر ، أو ذكر اسم منصوب على الحال ، فإن كان الاسم جثّة ، وقلنا : إنها ظرف مكان ، كان الأمر واضحا ، نحو : خرجت فإذا الأسد ، أي فبالحضرة الأسد ، أو فإذا الأسد رابضا. وإن قلنا : إنها زمان كان على حذف مضاف ، لئلا يخبر بالزمان عن الجثة ، نحو : خرجت فإذا الأسد ، أي ففي الزمان حضور الأسد ، وإن كان الاسم حدثا جاز أن يكون مكانا أو زمانا. ولا حاجة إلى تقدير مضاف نحو : خرجت فإذا القتال. إن شئت قدرت : فبالحضرة القتال ، أو ففي الزمان القتال (٣)(٤).
قوله : (إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ) جملة واقعة صفة لقوله : (مِنْ آيَةٍ) فنحكم (٥) على موضعها بالجر اعتبارا باللفظ ، وبالنصب اعتبارا بالمحلّ (٦). وفي معنى قوله : (أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) أوجه :
أحدها : قال ابن عطية : هم أنهم يستعظمون الآية التي تأتي لجدّة أمرها وحدوثه ، لأنهم أنسوا بتلك الآية السابقة فيعظم أمر الثانية ويكبر (٧) وهذا كقول الشاعر :
٤٤٠٩ ـ على أنّها تعفو الكلوم وإنّما |
|
توكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي (٨) |
الثاني : قيل : إن المعنى إلا هي أكبر من أختها السابقة ، فحذف الصفة للعلم بها (٩).
__________________
(١) وقال بحرفيتها الأخفش وابن مالك انظر الهمع ١ / ٢٠٧ والمغني ٨٧.
(٢) ويعزى هذا للمبرد والفارسي وابن جني ، وأبي بكر بن الخياط ، وابن عصفور. انظر المرجعين السابقين.
(٣) وهو رأي الزمخشري كما هنا واختاره الرّياشيّ والزجّاج وابن طاهر ، وابن خروف ، انظر المرجعين السابقين.
(٤) بتصرف من البحر المحيط ٨ / ٢٠ و ٢١ والدر المصون ٤ / ٧٨٩.
(٥) في ب فحكم.
(٦) الدر المصون ٤ / ٧٩٠.
(٧) البحر المحيط ٨ / ٢١.
(٨) من الطويل ، لأبي خراش ، خويلد بن مرة الهذلي من أبيات في رثاء أخيه عروة. وراوية البيت مثل رواية صاحب الدر المصون تبعا لأبي حيان والرواية الأصح : بلى إنها .. البيت كما في المراجع الآتية والكلوم جمع كلم ـ بفتح وسكون ـ وهو الجرح ومعنى البيت ـ ومنه نأخذ الشاهد ـ أن الإنسان يشغل بما هو فيه من مشاغل الحياة وإن كان ما سبق أعظم وأشد ؛ وانظر البيت في الخصائص لأبي الفتح ٢ / ١٧٠ وأمالي القالي ١ / ٢٧١ ، والدر المصون ٤ / ٧٩٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٢١ وابن يعيش ٣ / ١٧٧ ، والخزانة للبغدادي ٥ / ٤٠٥.
(٩) قاله السمين في الدر المصون ٤ / ٧٩٠.