ويقال (١) : عشا يعشو ، وعشي يعشى ، فبعضهم (٢) جعلهما بمعنى. وبعضهم فرق بأن عشي يعشى ، إذا جعلت الآفة في بصره ، وأصله الواو. وإنما قلبت ياء ، لانكسار ما قبلها ، كرضي يرضى. وعشا يعشو أي تفاعل ذلك ، ونظر نظر العشي ، ولا آفة ببصره. كما قال : عرج لمن به آفة العرج. وعرج لمن تعارج ومشى مشية العرجان (٣). قال ـ (رحمة الله عليه (٤)) ـ :
٤٤٠٣ ـ أعشو إذا ما جارتي برزت |
|
حتّى يواري جارتي الخدر (٥) |
أي أنظر نظر العشي ، وقال آخر :
٤٤٠٤ ـ متى تأته تعشو إلى ضوء ناره |
|
تجد خير نار عندها خير موقد (٦) |
أي ينظر نظر العشي لضعف بصره من كثرة الوقود. وفرّق بعضهم : بأن عشوت إلى النار إذا استدللت عليها (٧) بنظر ضعيف. وقال الفرّاء عشا يعشو : يعرض ، وعشي يعشى عمي (٨) ، إلا أن ابن قتيبة قال : لم نر أحدا حكى : عشوت عن الشيء ، أعرضت عنه ، وإنما يقال : تعاشيت عن كذا ، إذا تغافلت عنه وتعاميت (٩).
قوله : «نقيّض» قراءة العامة بنون العظمة وعليّ بن أبي طالب ، والأعمش ويعقوب ، والسّلميّ ، وأبو عمرو ، وعاصم في رواية عنهما : يقيّض (١٠) بالياء من تحت. أي يقيّض الرحمن. و «الشيطان» نصب في القراءتين وابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (١١) ـ
__________________
(١) في ب لقال.
(٢) هو الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٨٧ و ٤٨٨.
(٣) المرجع السابق.
(٤) زيادة من أالأصل.
(٥) نسبه الزمخشري وأبو حيان في الكشاف والبحر المحيط إلى حاتم الطائي ولم أعثر له في ديوانه على هذا البيت وهو من تمام الكامل ، والأصح نسبته لمسكين الدارمي وهو في ديوانه (٤٥) وورد فيه «أعمى» بدل «أعشو» وعليه فلا شاهد. وشاهده : أن أعشو بمعنى أتعامى وأنظر نظر العمي ، والخدر هو البيت وانظر البيت في الكشاف ٣ / ٤٨٨ والبحر المحيط ٨ / ٤ والدر المصون ٤ / ٧٨٤ وشرح شواهد الكشاف ٤٢١ وأمالي المرتضى ٢ / ٨٧٤ ، وهامش الخزانة ٩ / ٩٢.
(٦) من الطويل للحطيئة الشاعر الجاهليّ المعروف من قصيدة يمدح فيها بغيض بن عامر التّميمي وشاهده : تعشو أي تنظر نظر العشي لضعف البصر من كثرة الوقود كما أخبر أعلى وانظر غريب القرآن ٣٩٨ ، والبحر المحيط ٨ / ٤ والدر المصون ٤ / ٧٨٤ والخزانة ٩ / ٩٤ والكتاب ٣ / ٨٦ وابن يعيش ٢ / ٦٦ ، و ٤ / ١٤٨ و ٧ / ٤٥ و ٥٣ ، والكشاف ٣ / ٤٨٨ وشرح شواهده ٣٨٧ واللسان «عشا» ومجالس ثعلب ٤٦٧.
(٧) نقله في غريب القرآن ٣٩٨.
(٨) بالمعنى من المعاني للفراء ٣ / ٣٢.
(٩) غريب القرآن ٣٩٨ قال : «ولا أرى القول إلا قول أبي عبيدة وقد عارضه الأزهري وأبو الهيثم» ورجّح الإمام القرطبيّ رأي الأزهري وأبي الهيثم قال : وكذلك قال جميع أهل المعرفة. وهو قول الفراء السابق.
(١٠) انظر مختصر ابن خالويه ١٣٥ ، والكشاف ٣ / ٤٨٨ والإتحاف ٣٨٦.
(١١) زيادة من أ.