عشا إذا عمي ، فهو أعشى ، وامرأة عشواء (١). وزيد بن علي يعشو بإثبات الواو (٢). وقال الزمخشري : على أن من موصولة ، وحق هذا أن يقرأ نقيّض بالرفع (٣). قال أبو حيان : ولا يتعين موصوليتها ، بل يخرج على وجهين ، إما تقدير حذف حركة حرف العلة ، وقد حكاها الأخفش لغة ، وتقدم منه في سورة يوسف شواهد.
وإما على أنه جزم بمن الموصولة تشبيها لها بمن الشّرطيّة (٤).
قال (٥) : وإذا كانوا قد جزموا بالذي وليس بشرط قط فأولى بما استعمل شرطا وغير شرط (٦)(٧) ، وأنشد :
٤٤٠٢ ـ ولا تحفرن بئرا تريد أخا بها |
|
فإنّك فيها أنت من دونه تقع |
كذلك الّذي يبغي على النّاس ظالما |
|
تصبه على رغم عواقب ما صنع (٨) |
قال : وهو مذهب الكوفيين ، وله وجه من القياس ، وهو أنّ «الذي» أشبهت اسم الشرط في دخول الفاء في خبرها ، واسم الشرط في الجزم أيضا ، إلا أن دخول الفاء منقاس بشرطه(٩) وهذا لا ينقاس (١٠).
__________________
(١) وانظر البحر المحيط ٨ / ١٦ ، والكشاف ٣ / ٤٨٧ ، ومعاني الفراء ٣٠ / ٣٢.
(٢) اللسان عشا ٢٩٦٠ و ٢٩٦١.
(٣) المرجعين السّابقين.
(٤) الكشاف المرجع السابق.
(٥) بالمعنى من البحر المحيط ٨ / ١٦.
(٦) في ب قالوا بالجمعية.
(٧) البحر المحيط ٨ / ١٦.
(٨) البيتان من الطويل أنشدهما أبو حبان في بحره ، والسمين في الدر المصون قال أبو حيان : أنشدهما ابن الأعرابي .. والشاهد : «تصبه» فقد جزم جوابا «للذي» م ن «كذلك الذي» تشبيها للموصول باسم الشرط فكما أن الموصول شبه باسم الشرط في دخول الفاء في الخبر كذاك يشبه به في انجزام خبره وهو جواب الشرط الذي هو هنا «تصبه» وهذا منقول عن الكوفيين. من البحر المحيط لأبي حيان ٨ / ١٦ وانظر الدر المصون ٤ / ٧٨٣.
(٩) باللفظ من الدر المصون المرجع السابق وبالمعنى من البحر المحيط ٨ / ١٦.
(١٠) أقول : قد ذكر ابن هشام في المغني ١٦٥ من تنبيهاته في معرض الكلام عن الفاء قوله : كما تربط الفاء للجواب بشرطه كذلك تربط شبه الجواب بشبه الشرط ، وذلك في نحو «الذي يأتيني فله درهم» وبدخولها فهم ما أراده المتكلم من ترتب لزوم الدرهم على الإتيان ولو لم تدخل احتمل ذلك وغيره. ثم قال : وهذه الفاء بمنزلة لام التوطئة في نحو : «لكن أخرجوا لا يخرجون معهم» في إيذانها بما أراده المتكلم من معنى القسم ، وقد قرىء بالإثبات والحذف قوله «وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم» فلم يتكلم ابن هشام هنا عن الجزم بالنسبة للذي وإنما ذكر الربط فقط ، ونجد السيوطي في كتابه الأشباه والنظائر يحدثنا أن الذي لا تجزم وإن تضمنت معنى الشرط لأنها أشبهت لام التعريف فلم تعمل حملا عليها أضف إلى ذلك إلى أن جملة الصلة معلومة شرطا بينما الشرط لا يكون إلا مبهما والموصول وما وصل في تقدير المفرد بينما الشرط جملتان انظر الأشباه والنظائر بتصرف ٢ / ٢٤١.