هذا إن اقتضى الأمر الإلهي مروره على سلسلة الترتيب وما فيه من الحضرات ، وإذا (١) وصل من الوجه الخاصّ الذي لا واسطة فيه ، فلا ينصبغ إلّا بحكم حال من ورد عليه ووقته وموطنه ومقامه لا غير.
والكلام في كلّ مرتبة لا يكون إلّا بتوسّط حجاب بين المخاطب والمخاطب ، كما أخبر سبحانه في كتابه العزيز ، ولذلك الحجاب مرتبة الرسالة بالنسبة إلى من هو محلّ ذلك الحجاب ، (٢) والحجب والوسائط تقلّ وتكثر ، وأقلّها أن يبقى حجاب واحد وهو نسبة المخاطبة بين المخاطبين ، (٣) فالحروف والكلمات المنظومة الظاهرة رسل وحجب للكلمات والحروف الذهنيّة ، والذهنيّة رسل وحجب للحروف المعقولة ، والحروف المعقولة تتضمّن رسالة معنى الكلام الوحداني ، ثم الكلام الوحداني يتضمّن رسالة المتكلّم به من حيث نسبة ما تكلّم به ، ثم المفهوم من المتكلّم به يتضمن مراد المتكلّم من حيث الأمر الخاصّ المفهوم من كلامه ، ثم الاطّلاع على ذلك الأمر الخاصّ يفيد معرفة الباعث على صدور ذلك الكلام من المخاطب ، إلى المخاطب ، وهذا هو سرّ الإرادة الذي (٤) تنتشي منه صفة الكلام من كونه كلاما ، وفوقه مرتبة العلم الذاتي المحيط. وبالغايات وأحكامها يعرف سرّ أوّليات البواعث والمقاصد وعللها وأسرارها ؛ لأنّ الخواتم عين السوابق خفيت بين طرفي البداية والغاية للمزج وتداخل الأحكام وغير ذلك ممّا لا يقتضي الحال ذكره هنا ، وتظهر الغلبة في آخر الأمر للأوّل وسنومئ في آخر الكتاب في فصل «خواتم الفواتح» إلى بعض (٥) أسرار هذا المقام إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) ق : إن.
(٢) ب : خطاب.
(٣) ه : هي.
(٤) في بعض النسخ : التي.
(٥) ق : أخصّ.