و (١) بحكم التخصيص المنسوب إلى الإرادة ، وبحسب القرب والبعد وما يتبع ذلك من القوّة والضعف ، والجلاء النوري والاحتجاب ، وما (٢) سواها ممّا سيذكر (٣) عن قريب ، إن شاء الله تعالى.
فأمّا التصوّرات : فأوّل مراتبها الشعور الإجمالي الوجداني (٤) باستشراف العالم بما في ظاهره وباطنه من سرّ الجمعيّة وحكم النور وأشعّته على الحضرة العلميّة من خلف أستار أحكام كثرته ، وهذا ليس تصوّرا علميّا ، وإنّما هو إدراك روحاني جملي من خلف حجاب الطبع والعلائق ، فليس هو من وجه من أقسام التصوّرات ، وإذا (٥) أدخل في مراتب العلم فذلك باعتبار القوّة القريبة من الفعل ؛ فإنّا نجد تفرقة بين هذا الشعور الذي سمّيناه علما بالقوّة القريبة من الفعل ، وبين حالنا المتقدّم على هذا الشعور ، وهذا فرقان بيّن غنيّ عن التقرير.
ثم يلي ما ذكرنا التصوّر البسيط النفساني الوجداني ، (٦) كتصوّرك إذا سئلت عن مسألة أو مسائل تعرفها ؛ فإنّك تجد جزما بمعرفتها ، وتمكّنا من ذكر تفاصيلها ، والتعبير عنها ، مع عدم استحضارك حينئذ أجزاء المسألة وأعيان التفاصيل ، وإنّما تتشخّص في ذهنك عند الشروع في الجواب قليلا قليلا. والتصوّرات البديهيّة كلّها داخلة في هذا القسم.
ثم يليه التصوّر الذهني الخيالي ، ثم التصوّر الحسّي ، وليس للتصوّر مرتبة أخرى إلّا النسبة المتركّبة من هذه الأقسام بأحديّة الجمع ، وهذا من حكم العلم وأشعّة أنواره في مراتب القوى.
فإذا شاء الحقّ توصيل أمر إلى إنسان بتوسّط إنسان آخر أو غير إنسان مثلا ولكن من هذه المراتب ، تنزّل الأمر المراد توصيله من الحضرة العلميّة الغيبيّة تنزّلا معنويّا ، دون انتقال ، فيمرّ على مراتب التصوّرات المذكورة ، فإذا انتهى إلى الحسّ تلقّاه السامع المصغي بحاسّة
__________________
(١) ق : لم يرد.
(٢) ق : لم يرد.
(٣) ق : نذكر.
(٤) ق ، ه : الوحداني.
(٥) ق : فإذا.
(٦) ق ، ه : الوحداني.