المطلق ، الذاتي الأزلي دون تعويق مناف للترتيب الذاتي الإلهي يوجبه صدى محلّ القابل ، أو خداج حاصل بسبب نقص الاستعداد ، واختلال في الهيئة المعنويّة التي لمرآته يقضي بسوء (١) القبول ، الذي هو عبارة عن تغيير صورة كلّ ما ينطبع فيها عمّا كان عليه في نفس الحقّ ، صفة كان من صفاته أو خلقا أو علما أو حالا أو اسما إلهيّا أو صفة من صفاته سبحانه أو فعلا أو كونا مّا من الأكوان.
ومنتهى كلّ ذلك بعد التحقّق بهذا الكمال التوغّل في درجات الأكمليّة توغّلا يستلزم الاستهلاك في الله استهلاكا يوجب غيبوبة العبد في غيب ذات ربّه ، وظهور الحقّ عنه في كلّ مرتبة من المراتب الإلهيّة والكونيّة ، بكلّ وصف وحال وأمر وفعل ، ممّا كان ينسب إلى هذا الإنسان من حيث إنسانيّته وكمال الإلهي ، وينسب إلى ربّه من حيث هذا العبد ، ظهورا وقياما يوهم عند أكثر أهل الاستبصار أنّه عنوان الخلافة وحكمها وحالها (٢) والأمر بعكس ذلك في نفس الأمر عند الله وعند أهل هذا الشهود العزيز المنال.
ومن (٣) حصلت له هذه الحالة ، وشاهد اللحمة النسبيّة التي بينه وبين كلّ شيء ، وانتهى إلى أن علم أنّ نسبة الكون كلّه إليه نسبة الأعضاء الآلية والقوى إلى صورته ، ونسبة القرائب الأدنين وتعدّى مقام السفر إلى الله ومنه إلى خلقه ، وبقي سفره في الله لا إلى غاية ولا أمد ، ثم اتّخذ الحقّ وكيلا مطلقا به عن أمره ، يقول حالتئذ : اللهمّ أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، وأنت حسبي في سفري فيك ، والعوض عنّي وعن كلّ شيء ، ونعم الوكيل أنت على ما خلّفت ممّا كان مضافا إليّ على سبيل الخصوص من ذات وصفة وفعل ولوازم ، كلّ ذلك ، وما أضفته إلىّ أيضا من حيث استخلافك لي على الكون إضافة شاملة عامّة محيطة ، فقم عنّا بما شئته منّا ، كيف ما شئت ، وفي كلّ ما شئت ، فكفانا أنت عوضا عنّا ، وعن سوانا ، والحمد لله رب العالمين.
__________________
(١) ق : لسوء.
(٢) ق : لا توجد.
(٣) ق : متى.