عليهم الانفكاك عنها.
وحكم صورة النبوّة حفظ نظام العالم ، ورعاية مصالح الكون ؛ للسلوك والترقّي من حيث الصور إلى حيث سعادة السالك المرتقي ، كما مرّ بيانه ؛ ولإقامة العدل بين الأوصاف الطبيعيّة واستعمال القوى والآلات البدنيّة فيما يجب وينبغي استعماله ، مع اجتناب طرفي الإفراط والتفريط في الاستعمال والتصرّف بمراقبة الميزان الإلهي الاعتدالي في ذلك والعمل بمقتضاه والفوز أيضا بالنعيم المحسوس الطبيعي في الدار الآخرة أبد الآباد ، وتحصيل الاستعداد الجزئي الوجودي ، لإذعان البدن بجملة قواه للروح القدسي الإلهي والانصباغ بصفته وحكمه (١) وما يستلزمان من الأمور الإلهيّة والفوائد الروحانيّة.
وروح النبوّة : القربة ، وثمرتها : الصفاء والتخلية التامّة ، ثم صحّة المحاذاة ، المستلزمة لمعرفة الحقّ ، وشهوده ، والأخذ منه ، والإخبار عنه ، وإحياء المناسبة الغيبيّة الثابتة بين روح السالك المتشرّع وبين روح النبيّ أيضا ، والأرواح الآتية إليه ، والملقية الوحي الإلهيّ والتنزّلات العلويّة الظاهرة الحكم والأثر عليه عند تقوية الروح وطهارته ومشاركته ملائكة الوحي ، والإلقاء ، في الدخول تحت دائرة المقام الذي منه يتنزّل (٢) الوحي المطلق ، المنقسم على ملائكة الوحي والواصل (٣) إلى من وصل [إليه] بواسطة الملك ، والمشاركة أيضا في الدخول تحت حكم الاسم الإلهي الذي له السلطنة على الأمّة المرسل إليها الرسول ، وعلى الملك والرسول أيضا ، من حيث ما هو رسول تلك الأمّة.
فإن كان الرسول هو كامل عصره كنبيّنا صلىاللهعليهوآله ، فله شرط آخر وهو أن يصير مرآة لحضرة الوجوب ، والإمكان في مرتبة أحديّة الجمع ، وقد مرّ حديثها.
وإن كانت رسالة الرسول جزئية ، فإنّ رسالته ناتجة وظاهرة عن اسمين : أحدهما الاسم «الهادي» والاسم آخر يتعيّن بحاله وعلمه وشرعته ومنهاجه ، وليس في الرسل من صدرت رسالته عن الاسم «الله» الجامع لسائر مراتب الأسماء والصفات ، المستوعب لأحكامها إلّا رسالة نبيّنا صلىاللهعليهوآله ؛ فهو عبد الله ورسوله ، كما أشار إليه صلىاللهعليهوآله.
__________________
(١) ه : بصفة وحكمة.
(٢) ق : ينزل.
(٣) ق : الوصل.