ومنهم : من اهتدى به من حيث جملتها.
ومنهم : من اهتدى به من حيث خصوصيّة المرتبة الجامعة بين سائر الأسماء والصفات.
ومنهم : من اهتدى به لا من حيث قيد خاصّ ، ولا نسبة متعيّنة من اسم أو صفة أو شأن أو تجلّ في مظهر ، أو خطاب منضبط بحرف وصوت ، أو عمل مقنّن ، أو سعي متعمّل ، أو علم موهوب أو مكتسب وبالأسباب أو الوسائل محصّل ، وإنّما علم الحقّ أنّ من مقتضى حقيقته (١) التكيّف بصورة كلّ شيء ، والتلبّس بكلّ حال ، والانصباغ بحكم كلّ مرتبة وكلّ حاكم في كلّ وقت وزمان.
فلمّا رآها مضاهية لصورة حضرته ، اختارها مجلى لحضرة ذاته المطلقة ، التي إليها تستند الألوهة الجامعة للأسماء والصفات ، فتجلّى فيها تجلّيا تستدعيه هذه الحقيقة ، فعلم كلّ شيء من حيث تعيّنه في علم ربّه أزلا بذلك العلم عينه ، وهدى كلّ شيء لكلّ شيء ، وحكم على كلّ شيء بنفس ذلك الشيء ، فانحفظت به صور الحقائق من حيث عدم تغيّرها في مرآته ، على ما كانت عليه حال ارتسامها في نفس موجدها. ولو لا هذا المجلى ما ظهر عن الحقّ بتجلّيه فيه صور الأشياء بين المجلى والمتجلّي ، فافهم.
__________________
(١) ه : حقيقة.