المشار إليها من قبل.
وإذا عرفت هذا ، فأقول : الجزاء المراد بيان سرّه ، عبارة عن نتيجة ظاهرة بين فعل فاعل ، وبين مفعول لأجله بشيء (١) [وفي شيء] والباعث على الفعل هو الحركة الغيبيّة الإراديّة ، التابعة لعلم المنبعث على الفعل. ولتلك الحركة بحسب علم المريد حكم يسري في الفعل الصادر منه ، حتى ينتهي إلى الغاية التي تعلّق بها العلم ، وعلّق بها الإرادة ، فكلّ فعل يصدر من فاعل فإنّ مبدأه ما أشرت إليه ، ولا بدّ له أيضا من أمر به تتعيّن الغاية وتظهر صورة الفعل ، وإليه الإشارة بقولي : «مفعول لأجله بشيء وفي شيء ، ولا بدّ له أيضا من نتيجة وأثر يكون متعلّقه غاية ذلك الفعل ، وكما له.
وهذه الأمور تختلف باختلاف الفاعلين وقواهم وعلومهم ومقاصدهم ؛ وحضورهم ومواطنهم ونشآتهم ، إن كانوا من أهل النشآت المقيّدة ، والفاعل المطلق في الحقيقة لكلّ شيء وبكلّ شيء وفي كلّ شيء هو الحقّ ، ولا يتصوّر صدور الفعل من فاعل ويكون خاليا عن أحكام هذه القيود النسبيّة المذكورة إلّا النشآت المقيّدة ؛ فإنّ أفعال الحقّ من حيث الأسماء والوجه الخاصّ وآثار الحقائق الكليّه والأرواح ، لا تتوقّف على النشآت المقيّدة ، ولكن تتوقّف على المظهر ولا بدّ إلّا أنّه ليس من شرط المظهر.
وأقرب من ينضاف إليه ذلك الفعل أن يكون عارفا بما ذكرنا أو حاضرا معه ؛ فإنّ من الأفعال ما إذا اعتبر بالنظر إلى أقرب من ينسب إليه سمّي لغوا وعبثا بمعنى أنّ فاعله ظاهرا لم يقصد به مصلحة مّا ، ولا كان له فيه غرض ، والشأن في الحقيقة ليس كذلك ؛ فإنّ فاعل ذلك الفعل في الحقيقة الذي لا فعل لسواه هو الحقّ عزوجل ، ويتعالى أن ينسب إليه العبث ؛ فإنّه كما أخبر وفهّم (أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) (٢) (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) (٣) بل له سبحانه في كلّ تسكينة وتحريكة حكم عجيبة ، وأسرار غريبة ، لا تهتدي أكثر الأفهام إليها ، ولا تحيط العقول دون تعريفه بكنهها ، ولا تستشرف النفوس عليها.
فلا بدّ لكلّ فعل من ثمرة وبداية وغاية ، ولا بدّ أن يصحبه حكم القصد الأوّل والحضور
__________________
(١) كذا في الأصل. ولعلّه سقط «وفي شيء» كما سيأتي.
(٢) المؤمنون (٢٣) الآية ١١٥.
(٣) ص (٣٨) الآية ٢٧.