وقرأ الحسن (١) ، وأبو حيوة ، ومالك بن دينار : «ومن ربط» بضمتين ، وعن الحسن أيضا (٢) «ربط» بضم وسكون ، نحو : كتاب وكتب.
قال ابن عطيّة (٣) «وفي جمعه ، وهو مصدر غير مختلف نظر».
قال شهاب الدّين «لا نسلّم والحالة هذه أنه مصدر ، بل حكى أبو زيد أنّ «الرّباط» الخمسة من الخيل فما فوقها ، وأن جمعها «ربط» ولو سلّم أنّه مصدر فلا نسلّم أنّه لم تختلف أنواعه ، وقد تقدّم أنّ «رباطا» يجوز أن يكون جمعا ل «ربط» المصدر ، فما كان جوابا هناك ، فهو جواب هنا».
فصل
قال القرطبي (٤) : «روى أبو حاتم عن أبي زيد : الرّباط من الخيل : الخمس فما فوقها ، وجماعته «ربط» ، وهي التي ترتبط ، يقال منه : ربط يربط ربطا ، وارتبط يرتبط ارتباطا ومربط الخيل ومرابطها وهي ارتباطها بإزاء العدو» قال : [الكامل]
٢٧٢٨ ـ أمر الإله بربطها لعدوّه |
|
في الحرب إنّ الله خير موفّق (٥) |
روي أنّ رجلا قال لابن سيرين : إنّ فلانا أوصى بثلث ماله للحصون ، فقال : هي للخيل ؛ ألم تسمع قول الشاعر : [الكامل]
٢٧٢٩ ـ ولقد علمت على تجنّبي الرّدى |
|
أنّ الحصون الخيل لا مدر القرى (٦) |
قال عكرمة : «رباط الخيل : الإناث» (٧) وهو قول الفرّاء ؛ لأنها أولى ما يربط لتناسلها ونمائها ، ذكره الواحديّ.
ولقائل أن يقول : بل حمل اللّفظ على الفحول أولى ؛ لأنّ المقصود برباط الخيل المحاربة عليها ، والفحول أقوى على الكر والفر والعدو ، فوجب تخصيص هذا اللفظ بها.
ولمّا تعارض هذان الوجهان وجب حمل اللفظ على مفهومه الأصلي ، وهو كونه خيلا مربوطا سواء كانت فحولا أو إناثا.
__________________
(١) ينظر : إتحاف ٢ / ٨٢ ، الكشاف ٢ / ٢٣٢ ، المحرر الوجيز ٢ / ٥٤٦ ، البحر المحيط ٤ / ٥٠٧ ، الدر المصون ٣ / ٤٣٢.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٥٤٦ ، البحر المحيط ٤ / ٥٠٧ ، الدر المصون ٣ / ٤٣٢.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٥٤٦.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٨ / ٢٥.
(٥) ينظر : تفسير القرطبي ٨ / ٣٧.
(٦) ينظر البيت في الكشاف ٢ / ١٦٦ تفسير الرازي ١٥ / ١٨٥ حاشية الشهاب ٤ / ٢٨٨.
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٢٧٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٣٤٩) وعزاه إلى أبي الشيخ والبيهقي في «شعب الإيمان».