الإجماع ـ ضعيف من حيث إنّ حرف الجرّ لا يطّرد حذفه ، بل هو مخصوص بالضّرورة أو الشّذوذ (١) ؛ كقوله : [الوافر]
٢٤١٥ ـ تمرّون الدّيار فلم تعوجوا |
|
.......... (٢) |
[وقوله] : [الطويل]
٢٤١٦ ـ .......... |
|
لو لا الأسى لقضاني (٣) |
[وقوله] : [الطويل]
٢٤١٧ ـ فبتّ كأنّ العائدات فرشنني |
|
.......... (٤) |
والثاني : أنّه منصوب على الظّرف ، والتّقدير : لأقعدنّ لهم في صراطك.
وهذا أيضا ضعيف ؛ لأنّ «صراطك» ظرف مكان مختصّ ، والظّرف المكانيّ المختصّ ، لا يصل إليه الفعل بنفسه ، بل ب «في» تقول : صلّيت في المسجد ، ونمت في السّوق. ولا تقول : صليت المسجد إلا فيما استثني في كتب النحو ، وإن ورد غير ذلك ، كان شاذّا ؛ كقولهم «رجع أدراجه» و «ذهبت» مع «الشّام» خاصّة أو ضرورة ؛ كقوله : [الطويل]
٢٤١٨ ـ جزى الله بالخيرات ما فعلا بكم |
|
رفيقين قالا خيمتي أمّ معبد (٥) |
أي : قالا في خيمتي ، وجعلوا نظير الآية في نصب المكان المختصّ قول الآخر : [الكامل]
٢٤١٩ ـ لدن بهزّ الكفّ يعسل متنه |
|
فيه كما عسل الطّريق الثّعلب (٦) |
وهذا البيت أنشده النّحاة على أنّه ضرورة ، وقد شذّ ابن الطّراوة عن مذهب النّحاة فجعل «الصّراط» و «الطّريق» في هذين الموضعين مكانين مبهمين. وهذا قول مردود ؛ لأن المختصّ من الأمكنة ما له أقطار تحويه ، وحدود تحصره ، والصّراط والطّريق من هذا القبيل.
الثالث : أنّه منصوب على المفعول به ؛ لأن الفعل قبله ـ وإن كان قاصرا ـ فقد ضمّن معنى فعل متعدّ. والتقدير : لألزمن صراطك المستقيم بقعودي عليه.
فصل في معنى إغواء إبليس
قول إبليس (فَبِما أَغْوَيْتَنِي) يدلّ على أنّه أضاف إغواءه إلى الله ـ تعالى ـ ، وقوله في
__________________
(١) في أ : شذور.
(٢) تقدم.
(٣) تقدم.
(٤) تقدم.
(٥) تقدم
(٦) البيت لساعدة بن جؤية. ينظر : ديوان الهذليين ١ / ٩٠١ ، الكتاب ١ / ١٦ ، الخصائص ٣ / ٣١٩ ، أمالي ابن الشجري ١ / ٤٢ ، الهمع ١ / ٢٠٠ ، الدرر ١ / ١٦٩ ، الدر المصون ٣ / ٢٤٢.