تخييلا لتغيرها واسودادها والغبراء : الأرض ؛ قال طرفة : [الطويل]
٢٥١٦ ـ رأيت بني غبراء لا ينكرونني |
|
ولا أهل هذاك الطّراف الممدّد (١) |
قوله تعالى : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ)(٨٤)
قوله : «وأمطرنا» قال أبو عبيد : «يقال : مطر في الرحمة ، وأمطر في العذاب».
وقال [أبو القاسم](٢) الرّاغب (٣) : ويقال : مطر في الخير ، وأمطر في العذاب ، قال تعالى : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً) [الحجر : ٧٤].
وهذا مردود بقوله تعالى : (هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) [الأحقاف : ٢٤] فإنهم إنّما عنوا بذلك الرحمة ، وهو من أمطر : رباعيا ، ومطر وأمطر بمعنى واحد يتعدّيان لواحد ، يقال : مطرتهم السّماء وأمطرتهم ، وقوله تعالى هنا : «وأمطرنا» ضمّن معنى «أرسلنا» ولذلك عدّي ب «على» ، وعلى هذا ف «مطرا» مفعول به لأنّه يراد به الحجارة ، ولا يراد به المصدر أصلا ، إذ لو كان كذلك لقيل : أمطار.
ويوم مطير : أي : ممطور. ويوم ماطر وممطر على المجاز كقوله : (فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) [إبراهيم : ١٨] ، وواد مطير فقط فلم يتجوّز فيه ومطير بمعنى ممطر ؛ قال : [الطويل]
٢٥١٧ ـ حمامة بطن الواديين ترنّمي |
|
سقاك من الغرّ الغوادي مطيرها (٤) |
فعيل هنا بمعنى فاعل ؛ لأنّ السّحاب يمطر غيرها. ونكّر «مطرا» تعظيما ، والمراد بالمطر هنا يعني حجارة من سجيل.
قال وهب : «هي الكبريت والنّار فانظر كيف كان عاقبة المجرمين».
فصل في إيجاب اللواط الحد
اللّواط يوجب الحد ، وهذه الآية تدلّ عليه من وجوه :
الأول : أنّه ثبت في شريعة لوط رجم اللوطيّ ، والأصل بقاء ما ثبت إلى أن يرد الناسخ ، ولم يرد في شرع محمّد ـ عليه الصلاة والسلام ـ ما ينسخه ، فوجب الحكم ببقائه.
الثاني : قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام : ٩٠].
الثالث : قوله تعالى : (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ).
والمراد من هذه العاقبة ما سبق ذكره من إنزال الحجر عليهم ومن المجرمين الذين
__________________
(١) ينظر : ديوانه ٣١ ، جمهرة اللغة ٧٥٤ ، الجنى الداني ٣٤٧ ، الدرر اللوامع ١ / ٢٣٦ ، تخليص الشواهد ص ١٢٥ ، لسان العرب (غبر) ، (بنى) ، المقاصد النحوية ١ / ٤١٠ ، شرح ابن عقيل ٧٣ ، همع الهوامع ١ / ٧٦ ، الدر المصون ٣ / ٢٩٩.
(٢) سقط من أ.
(٣) ينظر : المفردات للراغب ٤٧٠.
(٤) تقدم.