وقرأ أبيّ (١) فاستمارت وفيها الوجهان المتقدمان في «فمارت» أي : أنّه يجوز أن يكون من «المرية» ، والأصل : استمريت وأن يكون من «المور» ، والأصل : استمورت.
قوله : «فلمّا أثقلت» أي : صارت ذات ثقل ودنت ولادتها كقولهم ألبن الرّجل ، وأتمر أي : صار ذا لبن وتمر.
وقيل : دخلت في الثقل ؛ كقولهم : أصبح وأمسى ، أي : دخل في الصّباح والمساء ، وقرىء (٢) أثقلت مبنيّا للمفعول.
قوله : (دَعَوَا اللهَ) متعلّق الدّعاء محذوف لدلالة الجملة القسميّة عليه ، أي : دعواه في أن يؤتيهما ولدا صالحا.
قوله : (لَئِنْ آتَيْتَنا) هذا القسم وجوابه فيه وجهان :
أظهرهما : أنّه مفسّر لجملة الدّعاء كأنه قيل :
فما كان دعاؤهما؟
فقيل : كان دعاؤهما كيت وكيت ؛ ولذلك قلنا إنّ هذه الجملة دالة على متعلق الدّعاء.
والثاني : أنّه معمول لقول مضمر ، تقديره : فقالا لئن آتيتنا ، ولنكوننّ جواب القسم ، وجواب الشرط محذوف على ما تقرّر.
وصالحا فيه قولان أظهرهما : أنه مفعول ثان ، أي : ولدا صالحا.
والثاني : قال مكي إنه نعت مصدر محذوف ، أي : إيتاء صالحا ، وهذا لا حاجة إليه ، لأنه لا بد من تقدير المؤتى لهما.
فصل
قال المفسّرون : المعنى لئن آتيتنا صالحا بشرا سويّا مثلنا لنكوننّ من الشّاكرين.
وكانت القصة أنّه لمّا حملت حواء أتاها إبليس في صورة رجل فقال لها : ما الذي في بطنك؟
قالت : ما أدري ، قال : إني أخاف أن يكون بهيمة ، أو كلبا ، أو خنزيرا ، وما يدريك من أين يخرج؟ أمن دبرك فيقتلك ، أو من فيك أو ينشق بطنك؟ فخافت حوّاء من ذلك وذكرته لآدم ، فلم يزالا في همّ من ذلك ، ثمّ عاد إليها فقال : إني من الله بمنزلة فإن دعوت الله أن يجعله خلقا سويّا مثلك ، ويسهّل عليك خروجه تسميه عبد الحارث.
وكان اسم إبليس في الملائكة الحارث ، فذكرت ذلك لآدم.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٤٣٧ ، والدر المصون ٣ / ٣٨٢.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ١٨٦ ، والبحر المحيط ٤ / ٤٣٧ ، والدر المصون ٣ / ٣٨٣.