المسك؟ فأمره الله تعالى أن يزيد عليها عشرة أيام من ذي الحجّة لهذا السّبب.
الثاني : أنّ الله تعالى أمره بصوم ثلاثين يوما ، وأن يعمل فيها ما يقرّبه إلى الله تعالى ، ثم أنزل التّوراة العشر من ذي الحجّة ، وكلّمه أيضا فيه فهذه فائدة تفصيل الأربعين إلى الثّلاثين ، وإلى العشرة.
قال ابن عبّاس ومسروق ومجاهد : الثّلاثين ليلة هي شهر ذي القعدة بكماله ، وأتمت أربعين ليلة بعشر ذي الحجّة ، فعلى هذا يكون كلام ربه له يوم عيد النّحر (١).
وفي مثله أكمل الله عزوجل دين محمد صلىاللهعليهوسلم.
الثالث : قال أبو مسلم في سورة طه : إنّ موسى ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ بادر إلى ميقات ربه قبل قومه ، لقوله تعالى : (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي) [طه : ٨٣ ، ٨٤].
فجائز أن يكون موسى أتى الطّور عند تمام الثلاثين ، فلمّا أعلمه الله خبر قومه مع السّامري ، رجع إلى قومه قبل تمام ما وعده ، ثمّ عاد إلى الميقات في عشر أخر ، فتم ميقات ربه أربعين ليلة.
الرابع : قيل لا يمتنع أن يكون الوعد الأول حضره موسى عليه الصلاة والسلام وحده ، والوعد الثاني حضره المختارون معه ليسمعوا كلام الله ، فصار الوعد مختلفا لاختلاف الحاضرين.
قوله : (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي). الجمهور على فتح نون هارون وفيه ثلاثة أوجه :
الأول : أنه مجرور بدلا من أخيه. الثاني : أنّه عطف بيان له. الثالث : أنه منصوب بإضمار: أعني ، وقرىء (٢) شاذا بالضّمّ ، وفيه وجهان :
أحدهما : أنّه منادى حذف منه حرف النّداء ، أي : يا هارون كقوله : (يُوسُفُ) [يوسف : ٢٩].
والثاني : أنّه خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو هارون. وهذا في المعنى كالوجه الذي تقدّم من أنه منصوب بإضمار : أعني ، فإنّ كليهما قطع.
وقال أبو البقاء (٣) : «ولو قرىء بالرّفع» وذكرهما ، وكأنّه لم يطّلع على أنها قراءة.
قال : «ومن دعاك منهم إلى الفساد ؛ فلا تتبعه ، ولا تطعه» وقال اخلفني أي : كن
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٤٨) عن مجاهد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٢١٤) عن ابن عباس وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ من طرق عنه.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ١٥١ ، والبحر المحيط ٤ / ٣٧٩ ، والدر المصون ٣ / ٣٣٨.
(٣) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ٢٨٤.